ممارسات انتقامية وقمعية شديدة بحق عوائل معتقلي الرأي في السعودية
عوائل معتقلي الرأي في السعودية يتعرضون إلى ممارسات انتقامية وقمعية شديدة وكأنهم مشاركون أو مسؤولون عن الأفكار أو الأفعال التي قام بها أو اعتنقها معتقل الرأي، في خرق واضح لأبسط الحقوق الإنسانية الأولية.
Table of Contents (Show / Hide)
ووصل الحال بالسلطات السعودية أن قامت بحرمان عائلات معتقلي الرأي من الاستفادة من المراكز الصحية والضمان الاجتماعي، بل وصل الحال ببعض الحالات إلى حرمانهم من التعليم بحجة عدم توافر بعض الأوراق التي يمنع استخراجها بواسطة الجهات الأمنية.
فالسلطات السعودية تستخدم العقوبات الجماعية، لترويع وترهيب الناشطين، وسبق واعتمدتها بصورة متكررة في السنوات الأخيرة، بهدف إظهار أن ما يحدث هو نهج لا حالة فردية فقط، وأن هذه العقوبات قد تطاول كل من سيواجه تهماً مشابهة، بما في ذلك التغريد والتعبير عن الرأي وغيرها.
منع من التواصل والزيارات
تنص القاعدة 37 من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء التي أقرتها الأمم المتحدة منذ عام 1955، بأنه: “يسمح للسجين في ظل الرقابة الضرورية، بالاتصال بأسرته وبذوي السمعة الحسنة من أصدقائه، على فترات منتظمة، بالمراسلة وبتلقي الزيارات على السواء”.
بينما تواترت الأنباء عن قيام السلطات السعودية بمنع التواصل بين معتقلي الرأي وذويهم بالخارج، ومن أشهر تلك الحالات، حالة الإصلاحي البارز المختفي قسريًا عقب انتهاء محكومياته، محمد فهد القحطاني، وحالة الناشط الحقوقي المعروف، عيسى الخنيفي، الذي امتدت فترات حرمانهم من التواصل مع عائلاتهم والعالم الخارجي لعدة شهور.
كذلك أكدت مصادر حقوقية سعودية عن قيام سلطات المملكة بمنع معتقلي الرأي لديها من التواصل مع عائلاتهم وذويهم خلال عيد الفطر المبارك في الأيام القليلة الماضية.
وقال حساب “معتقلي الرأي” الشهير عبر “تويتر”، في سلسلة من التغريدات رصدها الموقع: “تأكد لنا منع السلطات السعودية لمعظم معتقلي الرأي من التواصل مع عوائلهم في عيد الفطر”.
وأشار الحساب إلى أن السلطات “سمحت لعدد محدود جدًا باتصال هاتفي مقتضب (لمدة دقيقتين تحديدًا) مع أسرهم لتهنئتهم بالعيد”.
وشدد “معتقلي الرأي” في تغريداته على أن حرمان أي معتقل من الاتصال بعائلته هو خرق صارخ لحقوق الإنسان، وحقوق أي معتقل بالدرجة الأساس.
كما طالب الحساب السلطات السعودية بتطبيق التزاماتها القانونية والحقوقية من خلال السماح لجميع المعتقلين بالتواصل مع أسرهم وطمأنتهم عن صحتهم وظروفهم.
منع من السفر
التنقل والسفر حق أصيل من حقوق الإنسان، لا يشعر به إلا من حُرمه، وحين يُمنع أحدٌ من الخروج من مكان ما، فهو إشارة إلى أن البقاء في هذا المكان هو نوع من العقوبة، أو أن يُخشى أن ينطق هذا الفرد بشيء لا يمكنه البوح به داخل وطنه.
والسعودية بفرضها المنع من السفر على آلاف المواطنين، من ضمنهم عائلات معتقلي الرأي، تنتهك بشكل صارخ الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والتي وقعت على الالتزام به عام 2009، حيث تمثل حالات حظر السفر هذه خرقاً لهذا الميثاق والذي يكفل “لكل شخصٍ الحق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، والعودة إلى بلده“.
والمنع من السفر ممارسة قمعية، وانتهاكًا لحق أساسي من حقوق الإنسان، ويعاقب عليها القانون الدولي في حالة ثبوت ضلوع نظام ما بهذا الانتهاك، ويضمن القانون الدولي تعويض ضحايا المنع.
وذلك نظرا لما له من ضرر بالغ على الحريات العامة في البلاد، ولضرره الخاص على الأشخاص الممنوعين، وتوسع النظام السعودي فيه يجعله واقعًا تحت طائلة القانون الدولي، ويسمح برفع قضايا دولية عليه لفك الحصار المفروض على الآلاف من المواطنين دون سبب قانوني واضح.
ومن أشهر عائلات معتقلي الرأي الممنوعة من السفر، عائلة الداعية السعودي البارز، سلمان العودة، والتي منع أكثر من 17 من أفرادها من السفر للعلاج أو استكمال التعليم بالخارج.
التطليق قسرًا
سلطت مصادر معارضة سعودية الضوء على انتهاك إجرامي بحق معتقلي الرأي في المملكة، الذين لم تقتصر السياسة العدوانية عليهم فقط بل تطال أسرهم وأزواجهم وأبنائهم.
وأوغلت السلطات السعودية في انتهاكاتها بحق معتقلي الرأي في المملكة، وتعدّدت صوره بين الإخفاء القسري والاعتقال التعسفي والتعذيب النفسي والجسدي والإهمال الطبي وعدم الإفراج عنهم بعد انتهاء محكومياتهم، مضيفًا أن “من أبشع ما مارسته السلطات السعودية إرغام أزواج المعتقلين على طلب الطلاق وإنفاذ الأمر”.
وفضلًا عن كون هذه الخطوة جريمة بحق المعتقلين وأسرهم، فإنه يمثل انتهاكًا للقوانين الجنائية والمعاهدات الدولية التي تنص على عدم معاقبة أي شخص بجرم آخر أو الضغط على المعتقل عن طريق أهله وأبنائه وزوجته.
وضرب الموقع أمثلة على ذلك؛ فمن أشهر الحالات التي مارستها السلطات إرغام “آلاء نصيف”، زوجة جمال خاشقجي، على طلب الطلاق عنه، وهدّدتها بالمنع من السفر ثم أبلغتها بذلك فعلًا بل وأوقفتها في المطار وأعادتها إلى البلد عند محاولتها الخروج وتم إجبارها برفع قضية خلع في المحكمة ونفّذت المحكمة الطلب الذي تم تحت التهديد.
كذلك ما حدث مع الناشط والمحام الحقوقي، وليد أبو الخير، الذي أُجبر أيضًا على تطليق زوجته الناشطة النسوية، سمر بدوي، بعد أن اعتُقل في أبريل 2014، ليُعلن الطلاق بينهما بعد شهرين من اعتقاله، ولفّقت السلطات رواية كاذبة بأنهما اتفقا على الطلاق! فكيف تمكّنا من الاتفاق وهو مخفي قسريًا ولم يتمكن من لقاء زوجته والاتفاق على أمر كهذا؟!.
وما تقوم به السلطات السعودية يمثل عقابًا مزدوجًا لكل من الناشط والسياسي وغيره من المعتقلين، الذي تزداد معاناته بشعوره أنه صار وحيدًا بلا أسرة أو أهل، وكذلك على ذويه الذين يفقدون الشعور بالأمان بتفريقهم عن المعيل والكبير الذي يستندون إليه، فينقطع الأمل به حتى لو خرج من السجن.
التهديد بالاعتقال
لا تكتفي السلطات السعودية باعتقال المعتقل وفقط؛ ولكنها تعمد إلى مداهمة منازل المعتقلين بعد اعتقالهم عدة مرات، من أجل ترويع أطفالهم بحسب العديد من الشهادات.
من ذلك ما ذكره عبد الله نجل الداعية السعودي الدكتور سلمان العودة، وذلك لجعل عائلة المعتقل في حالة من الرعب فيمكن السيطرة عليها وإملاء الشروط عليها من أجل فقط تفادي هذا الترويع.
ولم تقف الانتهاكات عند حد المعتقلين وعائلاتهم بل طالت كل من له صلة بهم من أصدقاء ومعارف ومنها ما كشفه نشطاء عن اعتقال السلطات لأحد أقارب الداعية سفر الحوالي بسبب علاقة صداقة مع أبنائه المعتقلين.
كذلك أفاد الناشط والمعارض عمر عبد العزيز الزهراني المقيم في كندا بأن السلطات هددته باعتقال إخوته وأصدقائه في السعودية في حال استمر بالتغريد وانتقاد النظام الحاكم.
وكشف الزهراني عن اقتحام منزل شقيقه وتهديده بالسجن في حال لم يقنعه بالتوقف عن التغريد.
ويعد الحرمان من التعيين والفصل التعسفي من الوظائف أسلوبا متبعا مع ذوي المعتقل وأقاربه.
وكشف حساب معتقلي الرأي في السعودية أن عائلات عدد من المعتقلين فرض عليها حظر سفر ومنهم عائلة الأكاديمي سعيد بن ناصر الغامدي و17 فردا من عائلة الداعية سلمان العودة وعائلة الدكتور أحمد بن راشد بن سعّيد.
كذلك تقوم السلطات باعتقال أفراد من عائلات معتقلي الرأي في حالة التحدث للإعلام، مثل ما حدث مع “العباس” بن المفكر المعتقل، حسن المالكي، حيث اعتقل لأنه غرد عن اعتقال والده.
كذلك خالد العودة، شقيق الدكتور سلمان، اعتقل كذلك لذات السبب، بل إن بعض العوائل وصل بها الحال لمباركة حملات الاعتقال والإرهاب التي تمارس على أبنائها خوفًا من أن يطالها التنكيل.
المصدر: عربي 21