حصيلة صادمة لعقوبة الإعدام في السعودية هذا العام
كشفت منظمة حقوقية عن حصيلة صادمة لعقوبة الإعدام في السعودية هذا العام، معتبرة أن هذه الإعدامات تؤكد عدم التزام المملكة بالقوانين الدولية.
Table of Contents (Show / Hide)
وصرح المدير القانوني للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان طه الحاجي بأنه مع بداية دورة مجلس حقوق الإنسان 53 تكون السعودية قد أعدمت أكثر من 55 شخصا خلال النصف الأول من عام 2023.
وفي كلمة خلال مناقشات البند الرابع من أعمال الدورة لمجلس حقوق الإنسان، قال الحاجي إن هذه الإعدامات تؤكد عدم التزام السعودية بالقوانين الدولية، حيث أن العديد منهم لم يواجهوا تهما تعد من الاشد خطورة.
وأوضح أن هذه الإعدامات بنيت على أحكام تقديرية، وهي أحكام لا تستند إلى قانون بل إلى رأي القاضي.
كما أكد الحاجي أن الإعدامات تشير بوضوح إلى استخفاف تام بالهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، حيث أن من بينها إعدامات كان المقررون الخاصون قد أكدوا أن الحكم فيها تعسفي.
وأوضح أن السعودية تنفذ إعدامات بشكل سري، وحرمت العائلات من حقها في الوداع، وفي إقامة العزاء، كما أنها تحتجز الجثامين في تعذيب نفسي مستمر للعائلات.
وبحسب المعلومات فإن عدد الإعدامات المنفذة أعلى من الأرقام المعروفة، وبالتالي فإن هناك مخاوف من كون عدد المهددين بالإعدام أعلى بكثير، فيما يشير الرصد إلى أن 9 قاصرين على الأقل يواجهون خطر الإعدام، إلى جانب باحثين ورجال دين ومتظاهرين.
وأشار الحاجي إلى أن السعودية تكرر أمام المجلس وفي الجلسات الخاصة أنها تعمل على إصلاحات جوهرية، وقطعت وعودا رسمية نكثتها مرارا، وهذا ما يتطلب موقفا واضحا ومنددا بكل هذه الانتهاكات.
إلى ذلك وبمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، وتحت عنوان ضحايا التعذيب في السعودية: قصص منسية وراء الاحتفالات، أقامت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ندوة إلكترونية.
الندوة أدارتها الباحثة الرئيسية في المنظمة دعاء دهيني، وشاركت فيها الباحثة في منظمة مينا لحقوق الإنسان فلاح السيد، والباحث والخبير في المناصرة الدولية من منظمة ريبريف، زكي صراف بالإضافة الى المدير القانوني للمنظمة طه الحاجي.
دهيني افتتحت الندوة بالإشارة إلى أن العالم الحديث يحاول أن يضع إطار قانوني وعملي لحقوق الإنسان، تفرض الدول من خلاله على نفسها التزامات قانونية دولية، من بينها اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية. وأوضحت أن السعودية في العام 1997 صادقت على هذه الاتفاقية، وبالتالي بات لزاما عليها أن تجرم التعذيب في القانون والممارسة، لكن للأسف وعلى الرغم من مرور 26عاما على هذه المصادقة، لا زالت السعودية تمارس التعذيب على نطاق واسع.
دهيني اعتبرت أن السعودية قمعت المجتمع المدني إلى حد بات من المستحيل وجود نشاط حقيقي للمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، تزامن ذلك مع قمع للمجتمع وترهيب للعائلات والضحايا، حيث تجرّم السعودية، التواصل مع منظمات غير حكومية في الخارج، ومع الإعلام، وتعاقب على أي محتوى يتحدث من خلاله الأفراد عن الانتهاكات التي تحصل بما في ذلك التعذيب.
وأوضحت أن الواقع أكثر سوداوية، حيث أن قضايا المعذبين في السجون من الصعب الوصول إليها، فيما المعذبين والمنتهكين محميين في القانون والممارسة من أي محاسبة فعلية وحقيقية في ظل سياسة الإفلات من العقاب المتفشية.
واعتبرت أن السعودية تعمل على غسيل للصورة الحقيقية وتدفع عليها المليارات. من بين ذلك غسيل رياضي، وأكاديمي ودبلوماسي.
ورأت أن عالم اليوم، يسمع عن الصفقات الرياضية الكبرى التي تقوم بها السعودية، ويرى الاحتفالات المبهرة التي تنظمها الحكومة وتستضيف من خلالها مشهوري العالم، ينتظر الصفقات المالية والمشاريع الكبيرة، ولا يسمع عن قصص القاصرين المهددين بالإعدام، ولا النساء اللواتي بتن في السنوات الأخيرة ضحايا للتعذيب بشكل غير مسبوق، ولا الشبان الذين يعتقلون ويتعرضون لتعذيب يؤدي في أحيان كثيرة إلى صدمات نفسية وآثار جسدية من الصعب التخلص منها، كما لا يسمع بقصص العمال الأجانب الذي يتعرضون للإخفاء القسري ولشتى أنواع الانتهاكات، من دون أن يسأل عنهم أحد أو يسمع بهم أحد.
خبير المناصرة الدولية والباحث في منظمة ريبريف زكي صراف أكد من جهته أن عقوبة الإعدام مرتبطة بشكل وثيق بالتعذيب في السعودية. وعدد صراف عددا من القضايا التي عملت عليها المنظمة ووثقت خلالها تعرض المعتقلين للتعذيب. صراف أشار إلى قضية القاصر مصطفى الدرويش الذي أعدم في 2020، وأوضح أنه أكد أمام القاضي تعرضه للتعذيب وانتزاع اعترافات منه بالقوة. على الرغم من ذلك لم يتم التحقيق في مزاعمه، أعدم بناء على تهم حصل بعضها حين كان قاصر.
كما تحدث عن حسين أبو الخير المواطن الأردني الذي أعدمته السعودية في مارس 2023، وأشار إلى أن أبو الخير أنكر مرارا أمام المحكمة التهم الموجهة له وأكد أنها انتزعت منهه تحت التعذيب. لم يتم التحقيق في ذلك ايضا، ولا في الآثار التي تركها التعذيب عليه.
وأشار صراف إلى قضية القاصر عبد الله الدرازي المحكوم حاليا بالإعدام، وأوضح أن الدرازي تعرض للحرق وكسر الأسنان كما أدخل إلى المستشفى بسبب التعذيب الذي تعرض له، كما أكد خلال المحاكمة أن الضابط أحضر اعترافات جاهزة له ليوقع عليها. على الرغم من ذلك، قضيته الآن أمام المحكمة العليا، وهو مهدد بالإعدام في أي لحظة.
واعتبر صراف أن السعودية تظن أن لديها حصانة من المحاسبة، ولكن خبرتنا تؤكد أهمية استمرار العمل على تسليط الضوء على انتهاكاتها، وأشار إلى المنظمات الحقوقية نجحت في بعض القضايا في تغيير الواقع، من خلال العمل على آليات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ومناصرة الضحايا أمام العالم لدفع الدول إلى الضغط على السعودية.
وشدد صراف على أن محاولات ولي العهد محمد بن سلمان عبر استضافة الأحداث الرياضية إلهاء العالم عن الواقع الحقوقي، ولكن الحقيقة هي أن التعذيب منهجي ومستمر، وهذا ما تؤكد حتى التقارير الأممية.
فيما الباحثة من منظمة مينا فلاح السيد، أكدت أن السعودية تستخدم التعذيب بشكل ممنهج لإسكات الناشطين أو أي شخص يحاول الاعتراض. وأوضحت أن القوانين الجزائية لا تحدد ماهية التعذيب ولا تشريع يضمن حظر التعذيب، كما لا عقوبات واضحة بحق المنتهكين.
وأكدت السيد أن المعطيات تبين أن القاصرين المهددين بالإعدام انتزعت منهم اعترافات بالقوة وتحت التعذيب، وعلى الرغم من ذلك استند القاضي إلى هذه الاعترافات للحكم عليهم. على الرغم من هذه المعطيات، فإن المجتمع الدولي لا يضغط بشكل كاف.
وأوضحت أن القانون الدولي يمنع تسليم المطلوبين للدول التي تمارس التعذيب، لكن الدول لازالت تسلم السعودية مواطنيها المطلوبين، رغم معرفتهم بأنهم سيتعرضون حتماً للتعذيب، وأشارت إلى قضية حسن آل ربيع الذي سلمته المغرب إلى السعودية حيث تعرض للإخفاء القسري والاعتقال التعسفي.
وعددت السيد الآليات التي يمكن استخدامها على المستوى الدولي، وبينها لجنة مناهضة التعذيب والمقررون الخاصون والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي قد تساعد خاصة في منع إعادة المطلوبين.
كما أشارت إلى آليات القضاء الدولي التي باتت تسمح بملاحقة المنتهكين في أي مكان في العالم. وعلى الرغم من الاعتبارات السياسية التي تقف عائقا أمام محاكمة المنتهكين، فإن المناصرة والعمل المتراكم يمكن أن يؤدي إلى نتائج.
المصدر: سعودي ليكس