لكن في السنوات الأخيرة، غيّرت الحملات المدعومة من الحكومة التي تشجع على التوفير -فضلاً عن الأعراف الاجتماعية المتطورة- هذه الثقافة بعض الشيء. وحيث تشجع هذه الحملات السعوديين على إظهار كرم ضيافتهم ليس من خلال أطباق لا عدد لها من لحم الضأن والأرز، وإنما بالمشاعر الطيبة وتذكُّر أن الإسلام لا يشجع على التبذير والإهدار، وذلك حسبما قالت وزيرة البيئة السعودية.
إسراف ملحوظ بالطعام في السعودية
في المقابل، يهدر السعوديون حوالي 250 كيلوغراماً من الطعام للفرد كل عام، أي أعلى بكثير من المتوسط العالمي البالغ 115 كيلوغراماً.
خلال المراحل الأولى لطفرة النفط، أصبحت السعودية -ولا سيما العائلة المالكة التي تضم حوالي 15 ألف فرد- معروفة في الغرب بإسرافها الشديد.
إذ قال موظف سابق في قصر أحد أفراد العائلة المالكة السعودية في غرب لندن، لم يرغب في الكشف عن اسمه، إنه حين كان يعمل هناك خلال التسعينيات، كان الغداء يُعد لـ20 شخصاً على الأقل يومياً، بغض النظر عن إن كانت العائلة في المنزل أم ليست كذلك، وإذا لم يأتوا، يُلقى الطعام.
يروي البعض حكايات خيالية عن أمراء يشترون سيارات رياضية يستمتعون بقيادتها في الصحراء ثم يتركونها حين ينفد وقودها. ويقول المؤرخ روبرت لاسي، مؤلف كتاب Inside the Kingdom، إن هذه الحكايات "رمز لحكايات الحب والكراهية التي يستعين بها المغتربون لوصف كفلاء السعودية الذين يثيرون سخطهم ويعتمدون عليهم في الوقت نفسه".
تأسيس لثقافة شد الحزام في السعودية
أما الآن، في مواجهة مستقبل بدون ثروات نفطية أبدية، أسس ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ثقافة شد الحزام، في إطار رؤيته 2030، التي تهدف إلى إحداث تغيير اقتصادي واجتماعي كبيرين.
فعمد إلى خفض الدعم وفرض ضرائب جديدة وحبس المنتقدين غير المتعاونين دون محاكمة. وهدر الطعام هو أحد الأهداف المقبلة. وبينما لا يزال مجلس الشورى، الهيئة الاستشارية الرسمية للملك، ينظر في قانون لمكافحته، أنفقت الحملات الإعلامية المدعومة من الدولة المليارات لتشجيع المواطنين على كبح عادات التبذير.
في المقابل، اقترح أحدهم أن يجفف الناس الخبز لاستخدامه لاحقاً في صورة بقسماط، ووضع بقايا الطعام في علب في الثلاجة.
بينما لا يزال الخبز والأرز مدعومين، سيكون من الصعب إقناع السعوديين بالتوقف عن تقديم كميات كبيرة منهما في حفلات الزفاف أو التجمعات أو حين يصادفون أحد الجيران.