أزمة داخل الجيش الإسرائيلي بسبب تعديلات قانون القضاء
طاقم كامل من قوات خدمة الاحتياط في وحدة "شلداغ" المختارة في إسرائيل قرر، عدم تلبية مطلب قيادة الجيش بالتوجه إلى الخدمة في قاعدتهم العسكرية، اعتراضا على مساعي الحكومة الإسرائيلية لتشريع القوانين الرامية إلى إحداث تغييرات في الجهاز القضائي، وتقليص صلاحيات المحكمة العليا الإسرائيلية.
Table of Contents (Show / Hide)
وهذه هي المرة الأولى التي يقرر طاقم كامل من الاحتياط وبشكل مشترك عدم الخدمة، وجاء ردهم الرافض تحت عنوان "لن نخدم ديكتاتورية"، حسبما كشفت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية).
وأعلن 100 من جنود الاحتياط في قسم الأبحاث بشعبة الاستخبارات رفضهم الخدمة، بينما هددت مجموعة أخرى في سلاح الجو بقطع خدمتهم في الجيش في حال تمرير خطة الإصلاح في الكنيست.
ونقل عن جندي احتياط قوله إن رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات عميت ساعر التقى عديداً من الضباط في محاولة لمنع انضمامهم إلى رفض الخدمة.
وفي الوحدة 8200 للعمليات الخاصة، وقع جميع جنود الاحتياط على عرائض مماثلة.
ووفق الهيئة، فإن جنودا في قوات الاحتياط الإسرائيلية بعثوا رسائل إلى قادتهم مفادها أنهم سيعصون الأوامر العسكرية لاستدعائهم للخدمة في حال نفذت الحكومة الإسرائيلية مساعيها.
وأوضحت الهيئة الحكومية أن الجنود ينتمون إلى وحدات قتالية مختارة ووحدات السايبر والاستخبارات، إضافة إلى مجندين في جهازي المخابرات الداخلية (الشاباك) والموساد.
وكتب بعض هؤلاء، وبينهم ضباط في رسالة بعثوا بها إلى وزير الدفاع يوآف غالانت، أن الخطة ستؤثر في قدرتهم على مواصلة الدفاع عن إسرائيل.
وعلق مسؤول في الجيش على هذه الخطوة وعلى رفض عناصر أخرى من الخدمة بالقول: "نواجه أسوأ أزمة احتياط منذ حرب أكتوبر/تشرين الأ,ل 1973".
وأضاف: "يشعر الجيش بالقلق من نشوء أزمة خطيرة في منظومة الاحتياط، وحتى هذه اللحظة وقع آلاف الجنود والمجندات على عرائض تحذر من أنهم لن يؤدوا الخدمة في الاحتياط إذا مرت خطة الإصلاح القضائي في الكنيست".
وعلى رغم انشغال الجيش بالأوضاع الأمنية في الضفة وغور الأردن، فإن القيادة ناقشت هذه التحركات التي يشهدها الجيش والعرائض اليومية التي يوقع عليها الجنود.
وأمر رئيس الأركان هرتسي هليفي، القيادة باستدعاء كبار ضباط الاحتياط لإجراء محادثات حول هذه القضية والاستماع إلى ادعاءاتهم.
وتشهد إسرائيل منذ أسابيع عدة احتجاجات عارمة ضد خطة حكومة بنيامين نتنياهو لإصلاح القضاء، التي يرى المناهضون لها أنها تهدف إلى إحداث انقلاب في نظام الحكم في إسرائيل.
وحذر تقرير نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية، من أن الصراع السياسي "بسبب خطة الحكومة لإضعاف جهاز القضاء دخل إلى صفوف الجيش الإسرائيلي وبشكل واسع نسبيا على ما يبدو".
وأضافت الصحيفة أن هذه الأمر دفع رئيس هيئة الأركان العامة هيرتسي هليفي إلى التحذير منه، مشيرة إلى أن المخاوف الأساسية في هيئة الأركان العامة الإسرائيلية الآن ليست التوتر الأمني المتصاعد في الأراضي الفلسطينية، ولا "التهديد النووي" الإيراني، وإنما وجود "مؤشرات أولية على أزمة في قوات الاحتياط".
وحذر التقرير من أن الأزمة تظهر جليا في سلاح الجو، حيث تتركز جل القوة العسكرية الإسرائيلية إلى جانب أجهزة الاستخبارات، حسب هآرتس.
وأشارت الصحيفة إلى وجود "انشغال متزايد في إمكانية رفض الخدمة بين أفراد الطواقم الجوية في الاحتياط، أو التهرب من الخدمة، أو عدم تنفيذ جزء منها، احتجاجا على التطورات السياسية الأخيرة".
كما نشرت الصحيفة مقالا لمحللها العسكري عاموس هرئيل قال فيه إن تقديرات في الجيش الإسرائيلي تتبلور في أن "الغضب والإحباط بسبب الوضع السياسي والأزمة الدستورية، إلى جانب العبء المتوقع في الخدمة داخل الاحتياط هذا العام؛ سيؤديان إلى اتساع ظاهرة التهرب الهادئ من الخدمة العسكرية".
وتأتي تلك التطورات تزامنا مع مضي البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) قدماً في التغييرات القضائية التي تروج لها حكومة نتنياهو الدينية القومية، وتصفها بأنها ضرورية لكبح جماح القضاة النشطاء، الذين يتدخلون في الشؤون السياسية.
والأسبوع الماضي، وافق النواب بأغلبية 63 صوتاً مقابل 47 صوتاً على نصّين يتعلّقان بتغيير آلية اختيار القضاة في إسرائيل، ويجعلان المحاكم غير مؤهّلة للحكم على الأفعال أو القرارات التي يرون أنها تتعارض مع القوانين الأساسية، التي تعتبر بمثابة دستور في إسرائيل.
بند آخر متنازع عليه في إطار الإصلاح القضائي المزعوم في إسرائيل، يتمثل في إدخال بند "الاستثناء"، الذي يسمح للبرلمان بإلغاء بعض قرارات المحكمة العليا بأغلبية بسيطة، ويُتوقع إقراره في وقت لاحق.
ويعتبر الإصلاح القضائي برنامجاً أساسياً في تحالف نتنياهو الحكومي، الذي يضم أحزاباً متشددة ومن أقصى اليمين، والذي تولى السلطة في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2022.
غير أن جزءاً كبيراً من الرأي العام تحرك ضد هذا المشروع، ومنذ نحو شهرين، أصبح كل سبت موعداً للتظاهرة الأسبوعية ضد مشروع القانون المقترح.
وتظاهر عشرات آلاف الأشخاص في محيط البرلمان في القدس، الإثنين، ضدّ التصويت الذي تعطّلت قبله المناقشات وسط مقاطعة عدد من نواب المعارضة، الذين لفّوا أنفسهم بالعلم الإسرائيلي، هاتفين: "عار"، واستُبعدوا مؤقتاً من الجلسة.
يذكر أن مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، دعا الحكومة الإسرائيلية، في وقت سابق، إلى تعليق مشروع الإصلاح القضائي خشية تأثيره على حقوق الإنسان واستقلالية القضاء.
المصدر: الخليج اونلاين