العلاقات الاستخباراتية الإسرائيلية – السعودية.. كيف تأثرت بصفقة التطبيع بين الرياض وطهران؟
"في حين حافظ البلدان منذ فترة طويلة على علاقة استخباراتية سرية، فإن مصالحهما الاستراتيجية قد تتباعد".. حول هذه الخلاصة دارت تحليلات خبراء في شؤون الشرق الأوسط بشأن تداعيات التقارب السعودي الإيراني على العلاقات الاستخباراتية السرية بين الرياض وتل أبيب.
Table of Contents (Show / Hide)
"في حين حافظ البلدان منذ فترة طويلة على علاقة استخباراتية سرية، فإن مصالحهما الاستراتيجية قد تتباعد".. حول هذه الخلاصة دارت تحليلات خبراء في شؤون الشرق الأوسط بشأن تداعيات التقارب السعودي الإيراني على العلاقات الاستخباراتية السرية بين الرياض وتل أبيب.
فالتقارب السعودي مع إيران أزعج الإسرائيليين، الذين حافظوا منذ فترة طويلة على علاقة استخباراتية سرية مع المملكة، وهي العلاقات التي تمحورت، في السنوات الأخيرة، حول مخاوفهما المتبادلة بشأن برنامج إيران النووي، ونفوذها المتزايد في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وهجمات الحرس الثوري الإيراني، حسبما أورد تقرير لموقع "سباي توك" الأمريكي المتخصص بشؤون الاستخبارات، ترجمه "الخليج الجديد".
وفي هذا الإطار، قال بروس ريدل، المحلل السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط: "تعود علاقة المخابرات السعودية السرية مع إسرائيل إلى أوائل الستينيات وقد نجت من العديد من الاضطرابات في المنطقة، وستستمر هذه العلاقة بهدوء، على الرغم من الاتفاق السعودي الإيراني لإعادة العلاقات الدبلوماسية".
وأضاف أن تلك العلاقة تعمقت منذ أن تولى ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، السلطة فعليًا في عام 2016، ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2020، ورد أن الموساد أبلغ السعودية بشأن هجوم إيراني وشيك على سفارتها في لاهاي، ما مكّن السعوديين من اتخاذ الاحتياطات وتجنب التعرض لأي إصابات.
وفي مايو/أيار الماضي، ذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية اليومية أن العديد من كبار المسؤولين الإسرائيليين، زاروا السعودية سرا لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين السعوديين، على مدار العقد الماضي، بمن فيهم اثنان من مديري الموساد ووزير الدفاع واثنان من مستشاري الأمن القومي،
ومنذ ذلك الحين، سمح بن سلمان لرحلات الطيران المدنية الإسرائيلية المتجهة شرقا بعبور المجال الجوي السعودي والتقى بشكل غير رسمي رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو. كما أوضح الزعيم السعودي أنه يفضل الاعتراف بإسرائيل، ولن يجعل تطبيع العلاقات مرهونًا بإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، على عكس القادة السعوديين السابقين.
مصالح استراتيجية متباينة
وفي حين أن العديد من أهداف التعاون الاستخباراتي بين السعودية وإسرائيل ستبقى كما هي، سيجد المسؤولون في البلدين أيضًا مصالحهم الاستراتيجية متباينة، حيث تحاول إسرائيل تقييم تداعيات التقارب السعودي الإيراني على نفسها والمنطقة، فيما تحاول السعودية موازنة علاقاتها مع الحكومات المتشددة في القدس وطهران.
وهنا يشير جيمس سبنسر، وهو ضابط سابق في المخابرات العسكرية البريطانية وخبير في شؤون الشرق الأوسط، يقيم في لندن، إلى أن تطبيع العلاقات بين الرياض وإيران قد يؤدي إلى حل الحرب في اليمن، حيث هزم المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران السعوديين، لكنه شدد على أن التنافس بينهما على النفوذ في أماكن أخرى سيبقى، مما يؤدي إلى سلام بارد، وليس علاقات دافئة.
وأضاف: "لذا فإن حاجة السعودية وإسرائيل إلى علاقتهما الاستخباراتية ستبقى. سيستمران بالتأكيد في التعاون ضد الإرهاب الإسلامي، ومن المرجح أن يستمر تعاونهما في القضايا النووية، ولكن ربما لن يستمر في بعض القضايا الأخرى، مثل اليمن ومصر وإثيوبيا".
(1))
لكن بعض الإسرائيليين قلقون من أن تعاونهم الاستخباراتي مع السعوديين بشأن إيران لن يكون قوياً كما كان من قبل، وهو ما أخبر به يوسي ألفر، المسؤول السابق في جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد)، قائمة على الإنترنت لخبراء الشرق الأوسط.
وقال ألفر إن الاختبار الرئيسي لإسرائيل هو كيف سيؤثر التقارب السعودي الإيراني على تعاون الرياض الاستخباراتي والأمني مع إسرائيل ضد طهران.
وأضاف أن المخابرات الإسرائيلية تريد أيضًا معرفة كيف سيؤثر ذوبان الجليد في العلاقات الإيرانية السعودية على الخصومات العنيفة والحروب بالوكالة في المنطقة، وكيف ستؤثر هذه النتائج على مصالح إسرائيل.
فالموساد يخشى، على سبيل المثال، من إمكانية استخدام اليمن، الذي يسيطر عليه الحوثيون، كقاعدة محتملة لنشاط عسكري إيراني ضد جنوب إسرائيل، بحسب ألفر.
كما يشير ريدل إلى أن صفقة التطبيع السعودية الإيرانية يمكن أن يكون لها تأثير في لبنان، حيث تدعم إيران حاليًا وكيلها حزب الله في مواجهتها مع إسرائيل، وشكك في إمكانية كبح إيران لحركة حماس، لأن تأثيرها ضئيل على الحركة الإسلامية الفلسطينية المسلحة التي تسيطر على قطاع غزة وتعمل في الضفة الغربية المحتلة.
ضمانات أمريكية
وفي المقابل، ثمة مؤشرات على أن السعودية تفصل بين ملفي علاقاتها مع إيران وإسرائيلي، بحسب سبنسر، مشيرا إلى أن يوم 9 مارس/آذار، أي قبل يوم واحد من إعلان الصين عن صفقة التطبيع السعودية الإيرانية، شهد تحديد المملكة ثمن الاعتراف بإسرائيل في رسالة بعثت بها إلى واشنطن، وليس القدس.
وتضمنت الرسالة طلب ضمانات أمنية أمريكية للسعودية، بينها أن تكون حليفا من خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لتسهيل عمليات الشراء المستقبلية للأسلحة الأمريكية، ومساعدة الولايات المتحدة لها بمجال الطاقة النووية المدنية السعودية، في إطار برنامج يمكن تحويله لاحقا لإنتاج أسلحة نووية، حسبما يرى ضابط المخابرات البريطاني السابق.
وأضاف: "يُظهر طلب السعودية للحماية الأمريكية مدى ضآلة إيمان الرياض بالحماية العسكرية الإسرائيلية".
وفي غضون ذلك، كشفت أنباء الصفقة الإيرانية السعودية عن توترات مقلقة في العلاقة الاستخباراتية بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
وظهرت هذه التوترات مع اندلاع أعمال عنف في الضفة الغربية بين القوات الإسرائيلية والمستوطنين اليهود والفلسطينيين.
يقول مسؤولو إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ‘ن السعوديين أبقوهم على اطلاع كامل بالتقدم المحرز في محادثاتهم مع الإيرانيين، والتي بدأت قبل عامين في بغداد وانتقلت لاحقًا إلى عمان قبل أن يتدخل الصينيون لإنهاء الصفقة.
لكن يبدو أن الولايات المتحدة لم تشارك معلوماتها الاستخباراتية بشأن المفاوضات مع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التي أورد تقارير أنها صدمت بإعلان التقارب الإيراني السعودي، الأسبوع الماضي.
توتر أمريكي إسرائيلي
وتوترت العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشكل عام منذ أن تولى نتنياهو السلطة لولاية سادسة، أواخر العام الماضي، على رأس أكثر الحكومات القومية والدينية اليمينية المتطرفة تطرفا في تاريخ إسرائيل.
وتضم الحكومة الإسرائيلية اثنين من المتطرفين المناهضين للعرب، وهما: وزير الشرطة: إيتامار بن غفير، ووزير المالية: بتسلئيل سموتريتش، الذي يشغل أيضًا حقيبة نائب وزير الدفاع، مع سلطة واسعة على الضفة الغربية.
وفي ظل سياساتهما القاسية الجديدة، تصاعد العنف في الضفة الغربية منذ بداية العام، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 85 فلسطينيًا و14 إسرائيليًا، حسبما أوردت وكالة أسوشيتدبرس.
ويشعر الإسرائيليون بالقلق بشكل خاص بشأن الضرر الذي يلحق بتبادل المعلومات الاستخبارية مع الولايات المتحدة، أقرب حليف لإسرائيل، وهو ما عبر عنه مسؤول أمني سابق بقوله: "بدأت وكالات الاستخبارات الغربية تشعر بعدم الارتياح عند مشاركة معلومات استخبارية حساسة مع إسرائيل، في وجود المتطرفين مثل بن غفير وسموتريتش موجودون في مجلس الوزراء"، حسبما أورد موقع المونيتور.