كيف تسببت حكومة نتنياهو في “حصار” إسرائيل داخلياً وخارجياً.. 5 أزمات خلال 3 أشهر
منذ أدائها اليمين القانونية في 29 ديسمبر/كانون الأول 2022 دخلت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 5 أزمات متتالية أكثرها حدة داخلياً بعد إصرارها على ما تسميها "الإصلاحات القضائية".
Table of Contents (Show / Hide)
وكذلك خرجت الأزمة الشخصية بين نتنياهو والرئيس الأمريكي جو بايدن إلى العلن، برفض الأخير استقبال الأول بالبيت الأبيض قريباً، فيما تراجعت آمال الأول بمواصلة تطبيعه مع دول عربية إثر مواقف وزيره للأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش ضد الفلسطينيين.
وتدهورت الأوضاع الميدانية إثر اقتحامات الشرطة الإسرائيلية للمسجد الأٌقصى والاعتداء على المصلين في شهر رمضان الجاري، فيما خالف الاتحاد الأوروبي نتنياهو الموقف بشأن حل الدولتين والاستيطان في الأراضي الفلسطينية.
وألقى تحذير ضباط في الاحتياط الإسرائيلي بينهم في سلاح الجو والاستخبارات، بظلاله على ما تسميه إسرائيل "سياسة الردع"، دون أن يتمكن نتنياهو من تحقيق أي اختراق في الملف النووي الإيراني.
إزاء ذلك كله فقد فضل نتنياهو إلقاء اللوم على المعارضة الإسرائيلية التي كانت هي نفسها تقود الحكومة السابقة.
ففي مؤتمر صحفي عقده مساء الإثنين 10 أبريل/نيسان 2023، قال نتنياهو: "بلدنا يتعرض لهجوم وهو لم يبدأ الآن، ففي عيد الفصح السابق حدث استفزاز مماثل في الحرم القدسي العام الماضي، وفي ظل الحكومة السابقة تضاعف عدد الهجمات العدائية".
وأضاف: "وقعت الحكومة السابقة اتفاقية مع حزب الله (اللبناني) سلمت بموجبه أراضي الدولة واحتياطيات الغاز للعدو دون الحصول على أي شيء في المقابل. وأكدت لنا أن اتفاقية الاستسلام هذه ستبعد المواجهة مع التنظيم الإرهابي. لكن كما حذرنا حدث العكس تماماً، لقد ازدادت الهجمات وألحق الضرر بالردع".
وتابع: "لسوء الحظ، تعرضنا لمزيد من الضرر عندما فسر أعداؤنا في الأشهر الأخيرة الدعوات إلى الرفض (تلويح الاحتياط برفض الاستدعاء للخدمة على خلفية التعديلات القضائية المثيرة للجدل) على أنها ضعف في قوتنا الوطنية".
وبعد أن ألقى بالمسؤولية على المعارضة، استدرك نتنياهو: "هذه مسؤوليتنا هذه مسؤوليتي، أنتم تعرفونني بالفعل. أنا لا أتصرف بتهور أنا أتصرف بحزم، وقبل كل شيء أتصرف بمسؤولية".
وأضاف: "وأقول لكم الليلة يا مواطني إسرائيل: سنصد هذه الأخطار وسنهزم عدونا، لقد فعلناها من قبل، سنفعلها مرة أخرى".
وفيما يلي أبرز أزمات حكومة نتنياهو:
1- الأزمة الداخلية
دفع الحكومة بتشريعات لتقليص نفوذ المحكمة العليا الإسرائيلية، فجر موجة احتجاجات بدأت في الشارع الإسرائيلي منذ 14 أسبوعاً ولا يلوح في الأفق ما يشير إلى انتهائها قريباً.
وشارك في هذه الاحتجاجات مئات آلاف الإسرائيليين تخللتها تحذيرات من هروب الاستثمارات من البلاد وتحذير ضباط احتياط من عدم الاستجابة لنداءات الخدمة مع مخاوف من اندلاع حرب أهلية.
وقبل نتنياهو مرغماً تعليق التشريعات في الكنيست (البرلمان الذي تمتلك الحكومة الأغلبية فيه) إلى ما بعد الأعياد اليهودية الشهر المقبل، وأعطى الضوء الأخضر لمفاوضات مع المعارضة برعاية الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ.
وكتعبير عن عدم تصديقها بوجود نوايا حقيقية لديه للتراجع، فقد واصلت المعارضة الإسرائيلية احتجاجاتها الكبيرة حتى في ظل حوار الرئيس.
وتسود مخاوف من أزمة دستورية في البلاد حال عدم التوصل إلى حل وسط مقبول من الحكومة والمعارضة.
2- الأزمة الأمنية
للمرة الأولى وجد الجيش الإسرائيلي نفسه منغمساً في قضايا سياسية، بإعلان مئات من ضباط الاحتياط رفضهم الخدمة في حال مضت الحكومة قدماً في خططها للحد من قوة المحكمة العليا.
ويقول مسؤولون ومحللون أمنيون إن هذا التطور غير المسبوق يؤثر على أي خطط عسكرية قريبة، فضلاً عن أنه ينعكس بنفسه سلباً على ما تسميه إسرائيل "قوة الردع".
وأقر نتنياهو بهذا فعلاً، عندما قال في خطابه مساء الإثنين: "سنعيد الردع ونصلح الضرر الذي ورثناه، وسيستغرق وقتاً لكنه سيحدث".
وأضاف: "أن أعداء إسرائيل الذين يعتقدون أن الدعوات للرفض والجدال الداخلي بيننا تمرين لهم مخطئون بشدة، ففي مواجهة هجماتهم نحن نتحرك في كل الساحات".
ويرى محللون إسرائيليون أن هذه التطورات حرمت نتنياهو من تركيز تحركاته السياسية والأمنية على موضوع الملف النووي الإيراني.
3- الأزمة مع الولايات المتحدة
خرجت الخلافات بين نتنياهو والرئيس الأمريكي جو بايدن إلى العلن عندما أعلن الأخير أنه لن يستقبل نتنياهو قريباً في البيت الأبيض.
وعادة ما يستقبل سيد البيت الأبيض رؤساء الحكومات الإسرائيلية الجدد بعد فترات وجيزة من أداء هذه الحكومات اليمين القانونية وهو ما لم يحدث مع نتنياهو.
كما لم تخف الولايات المتحدة معارضتها لسياسات نتنياهو بشأن الاستيطان وموقفه من حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين، وكذلك انزعاجها من التعديلات القضائية المثيرة للجدل.
4- الأزمة مع الفلسطينيين
يحتاج نتنياهو لحزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف برئاسة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وحزب "الصهيونية الدينية" برئاسة وزير المالية بتسليئل سموتريتش، فمغادرتهما للحكومة يعني سقوطها، وهو ما قد يمعكس بنفسه على محاكمة نتنياهو بتهم تلقي الرشوة والاحتيال وإساءة الأمانة.
ولكن كل من بن غفير وسموتريتش يدفعان باتجاه سياسات متشددة ضد الفلسطينيين داعمة للاستيطان، وهو ما فاقم من التصعيد في الأراضي الفلسطينية وأحبط مخططات نتنياهو لتوسيع عملية التطبيع مع دول عربية وإسلامية.
وأصدرت الدول التي طبعت علاقاتها مع إسرائيل قبل أكثر من عامين العديد من بيانات الإدانة لحكومة نتنياهو بسبب سياساتها ضد الفلسطينيين وتحديداً المسجد الأقصى.
5- الأزمة مع الاتحاد الأوروبي
طلبت إسرائيل من الاتحاد الأوروبي في مارس/آذار علناً عدم التدخل في الخلافات الإسرائيلية الداخلية قبل أن ينفي الاتحاد الأوروبي وجود تدخل كهذا.
هذا الخلاف فاقم من الخلافات القائمة أصلاً بشأن سياسات الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية وهدم وإخلاء المنازل في الضفة الغربية بشكل عام والقدس الشرقية بشكل خاص.
حرب أهلية
يقول معهد ديمقراطية إسرائيل (خاص) إنه "رغم وجود زيادة معينة بنسبة أولئك الذين يعتقدون أن هناك احتمالاً كبيراً لاندلاع حرب أهلية عنيفة، إلا أن الغالبية لا تزال تعتقد أن هذا غير مرجح. ويقدر عدد أكبر ممن هم في اليسار أكثر من الوسط أو اليمين احتمالية أن تكون عالية".
وأضاف المعهد: "تظهر صورة مماثلة فيما يتعلق بالاحتجاجات التي نُظمت في الشارع ضد التغييرات التشريعية التي تتبعها الحكومة: بشكل عام، ينقسم الجمهور بشكل متساوٍ تقريباً بين مؤيدي هذه الاحتجاجات ومعارضيها، مع ميزة طفيفة للمعارضين".
كما أشار المعهد في نتائج دراسة أجراها ونشرها مطلع الشهر الجاري وحصلت الأناضول على نسخة منها: "الجمهور منقسم حول مسألة التأثير المحتمل على سياسة الحكومة لرفض جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي الخدمة".
وأضاف: "الجمهور منقسم حول مسألة ما إذا كان ينبغي لإسرائيل أن تأخذ بعين الاعتبار وجهة نظر الإدارة الأمريكية فيما يتعلق بالتغييرات التشريعية التي تجريها الحكومة".
ولفتت الدراسة إلى أن الغالبية العظمى من الجمهور العربي لا توافق على تصريح وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بأنه "لا يوجد شيء اسمه شعب فلسطيني".
وتابع: "فالجمهور اليهودي منقسم حول هذه المسألة: أغلبية اليساريين لا يوافقون (على تصريح سموتريتش)، كما يفعل أكثر من نصف أولئك في الوسط، لكن أقلية صغيرة فقط من اليمين تعترض على تصريح الوزير".
المصدر: عربي بوست