كيف ستؤثر على العلاقات مع واشنطن.. إعادة ترتيب ذاتية للشرق الأوسط
موقع "ديفنس إنفو" الأمريكي نشر تحليلا مطولا للباحث والضابط الأمريكي المتقاعد، جيمس دورسو، تناول فيه تداعيات ما وصفها بعملية الترتيب الذاتي التي تجريها دول منطقة الشرق الأوسط والمصالحات الإقليمية والوساطات الخارجية المتتالية الناجحة على علاقتها مع واشنطن وإسرائيل.
Table of Contents (Show / Hide)
وأضاف دورسو، الذي سبق له العمل كضابط بالبحرية في الأمريكية وخدم حينها في الكويت والسعودية والعراق، أن عملية التنظيم الذاتي المذكورة تأتي بعد عقدين من غزو الولايات المتحدة للعراق بحثا عن أسلحة دمار شامل لم تكن موجودة، وتنفيذ أجندة الحرية التي أعلنها الرئيس السابق جورج دبليو بوش.
مصالحات وساطات ناجحة
وذكر دورسو في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن الصين نفذت وساطة ناجحة مؤخرا لتطبيع العلاقات السعودية الإيرانية، ويقال إن روسيا تحاول التقريب بين سوريا وتركيا، وتشارك في محادثات بين السعودية وسوريا.
كما تجري السعودية واليمن محادثات تطبيع، والأطراف اليمنية المتحاربة تناقش تبادل الأسرى. وسوف تتبادل سوريا وتونس السفراء بعد عقد من قطع العلاقات التونسية.
وفي غضون ذلك استأنفت قطر والبحرين العلاقات الدبلوماسية، كما أبدى جيران سوريا استعدادهم لدعوة دمشق لإعادة الانضمام إلى التيار الرئيسي في الشرق الأوسط العربي، وقد تنضم قريبًا إلى جامعة الدول العربية، ربما في وقت مبكر من مايو/ أيار .
من المحتمل أن ترى واشنطن جانبًا سلبيًا في هذه التطورات الدبلوماسية لأنها تقدم الإغاثة لإيران وسوريا، ولأن الوسطاء؛ الصين وروسيا، سيظهرون أكثر نفوذاً من خلال السعي لتحقيق السلام، في حين أن الولايات المتحدة تواصل حربها ضد روسيا في أوكرانيا، وتستعد للصراع مع الصين في مضيق تايوان.
نفوذ متراجع
وبحسب دورسو فإن تخفيف التوترات في المنطقة يعني دورا عسكريا وأمنيا أصغر للولايات المتحدة، التي وفقا لأحد المراقبين لم ينتج عن وجودها بالمنطقة سوى القتلى واللاجئين وعدم الاستقرار.
لكن الأهم من ذلك، وفقا لدوروسو، أن الاتفاق بين إيران والسعودية سيضمن، تعزيز "التدفق الحر للنفط والغاز الطبيعي المسال"، لكن علينا الانتظار لنرى ما إذا كان ثمن ذلك هو تقليل تأثير واشنطن في شؤون المنطقة.
فإذا خفت التوترات وزادت التجارة، فإن طبيعة علاقات الولايات المتحدة ستتغير مع المنطقة، حيث تصبح في الأساس بائعًا للأسلحة وتقوم بمهمة تأمين طرق تصدير النفط والغاز؛ مما يعفي الصين من جهود حراسة النفط الذي تشتريه في الخليج.
في حين أن هذا دور مؤثر، فإن الولايات المتحدة سيتم اعتبارها حارسًا أمنيًا ولن تكون شريكًا من الدرجة الأولى في التخطيط للمراحل التالية في المنطقة من التنمية الاقتصادية واعتماد التكنولوجيا.
بروز الصين
هذا الدور سينتقل إلى الصين بسبب ريادتها في أجهزة المحمول من الجيل الخامس وتطبيقاتها في الصناعة، التي تتراوح من التصنيع إلى الرعاية الصحية، أثناء وجودها في الولايات المتحدة.
وأشار إلى أن دولا مثل السعودية والإمارات التي تنقل اقتصاداتها إلى ما هو أبعد من الهيدروكربونات، وتحرص على تثقيف شبابها، تتعاون مع الدولة التي تساعدها على زيادة الدخل وتنويع اقتصاداتها، ولم يعد يُنظر إلى تلك الدولة على أنها الولايات المتحدة.
نتيجة لذلك، فإن مبعوثي الولايات المتحدة سيكون لديهم عدد أقل من التفاعلات عالية المستوى مع القادة الإقليميين، الذين سيشعرون أنهم قادرون على إرضاء الأمريكيين من خلال شراء حفنة من الطائرات بين الحين والآخر.
يحاول الشرق الأوسط التنظيم الذاتي في أعقاب مشاريع بناء الدولة الأمريكية الفاشلة في العراق وأفغانستان، والهجمات الكارثية على ليبيا وسوريا.
تتمثل إحدى طرق إقامة علاقة أكثر استقلالية مع الولايات المتحدة في الانضمام إلى منتديات بديلة مثل منظمة "شنغهاي" للتعاون و"بريكس" وغيرها.
تمت الموافقة على طلب إيران للحصول على العضوية الكاملة والدائمة في منظمة شنغهاي للتعاون في قمة 2021 في دوشانبي، وفي مارس/أذار 2023، أصبحت السعودية شريكًا في الحوار للمجموعة.
ويلاحظ المحلل السعودي علي الشهابي أن المملكة "تنتهج استراتيجية تهدف لتطوير عدد من الشركاء الاستراتيجيين لتكملة علاقاتها مع الغرب"، على الرغم من أن ذلك سيتعارض مع عقلية السياسيين والمسؤولين الأمريكيين الذين ما زالوا يعتقدون بأنه "إما أن تكون معنا أو مع الإرهابيين".
إسرائيل ليست فائزة
وقال دورسو إنه يمكن القول إن إسرائيل ليست بالضرورة خاسرة في ظل هذه التطورات، لكنها بالتأكيد ليست فائزة.
ووفقا لتلك التطورات، فلن يكون السعوديين مهتمين بأن يكونوا جزءًا من تحالف مناهض لإيران، والذي ربما لم تتح له فرصة على أي حال، حيث اعترف وزير مصري سابق مؤخرًا بأن مصر والعراق والسعودية لم تأخذ الفكرة على محمل الجد.
وفي الوقت الحالي تستمر كل من السعودية وإسرائيل في التعاون الخفي؛ لأن العلاقات بين الرياض وطهران بعيدة كل البعد عن "الطبيعية"، لكن الحكومات العربية ستنتبه للمشاعر الشعبية التي أثارتها القفزة الأخيرة في عمليات القتل الإسرائيلية للفلسطينيين، ولن تكون إسرائيل كذلك قادرة على استخدام اتفاقيات "إبراهيم" للالتفاف على إبرام صفقة سلام مع الفلسطينيين.
المصدر: الخليج الجديد