ما سبق كان خلاصة تحليل نشره موقع "فوربس" عن تداعيات تراجع الدور الأمريكي في الشرق الأوسط، والذي كانت أبرز ملامحه الاستقبال الفاتر للرئيس الأمريكي بايدن في السعودية، قبل عدة أشهر، ورفض الرياض الاستجابة لمطالبه حول الحفاظ على إنتاج النفط لعدم ارتفاع أسعاره، وهي الارتفاعات التي تسبب ضررا للاقتصاد الأمريكي.
وأوضح التحليل، الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن السياسة الخارجية السعودية الجديدة في ظل ولي العهد، والظروف المتغيرة بشكل كبير بسبب العقوبات الغربية على صادرات النفط والغاز الروسية جعلت الرياض تنأى بنفسها عن واشنطن، وبدلاً من ذلك ، لجأت إلى الصين في مارس 2023 لضمان ضماناتها الأمنية مقابل التقارب الدبلوماسي مع إيران.
وفي هذه الحالة، فضل محمد بن سلمان استعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران دون مساعدة واشنطن، وهي خطوة وصفها دبلوماسي أمريكي (لم يذكر اسمه) بأنها "إعطاء بايدن الإصبع الأوسط".
وبهذه التصرفات، وجه ابن سلمان ضربة لصفقة "النفط مقابل الأمن" التي استمرت لأكثر من ثلاثة أرباع قرن بين الولايات المتحدة والسعودية منذ اجتماع فرانكلين دي روزفلت التاريخي مع الملك ابن سعود في عام 1945.
أيضا استأنف السعوديون وحلفاؤهم الخليجيون العلاقات الدبلوماسية مع قطر وبدأوا في تحسين العلاقات مع تركيا، وخفت حدة الحروب بالوكالة في اليمن وسوريا كجزء من عمليات التقارب التي توسطت فيها الصين وروسيا في النظام الإقليمي.
ويرى التحليل أن الولايات المتحدة لم تعد هي المحرك الرئيسي – أو حتى الند – في الرهانات الأمنية في الشرق الأوسط، ما دفع أحد محللي الشؤون الإقليمية لكتابة ملاحظة ساخرة مفادها أن "دول الشرق الأوسط تصنع السلام بدون واشنطن".
فشل العقوبات
ويعتبر التحليل أن العقوبات الأمريكية والغربية على روسيا فشلت في تركيع اقتصاد موسكو والإطاحة بالرئيس فلاديمير بوتين، وبدلا من ذلك أشارت أحدث التوقعات الاقتصادية لصندوق النقد الدولي بأن الاقتصاد الروسي يتفوق في الأداء على بريطانيا وألمانيا هذا العام.
سجلت روسيا فائضًا قياسيًا في الحساب الجاري بلغ 227 مليار دولار في عام 2022، بزيادة 86% عن عام 2021، واستبدلت الإيرادات المفقودة من صادراتها من النفط والغاز إلى أوروبا بمحور إلى الصين والهند والإمارات وتركيا ودول أخرى غير مشاركة في منظومة العقوبات.
ويضيف التحليل أن الأيام التي لعب فيها كارتل "أوبك" مع محوره السعودي دور "البنك المركزي للنفط" المتحالف مع الولايات المتحدة قد ولت، وباتت مجموعة "أوبك+" في مقعد القيادة، والتي تجمع السعودية (وحلفائها الخليجيين) مع روسيا.
وفي مارس/آذار 2022، قالت المستشارة الاقتصادية لصندوق النقد الدولي جيتا جوبيناث إن "العقوبات على روسيا يمكن أن تقوض هيمنة الدولار من خلال تشجيع التكتلات التجارية الأصغر التي تستخدم عملات أخرى".
ويبدو أن هذا بالضبط ما حدث، وفقا لـ"فوربس"، حيث تم دفع قيمة صادرات النفط والغاز الروسية بالروبل أو الذهب، والآن بشكل متزايد باليوان.
انهيار النفوذ
ويلفت التحليل إلى مقابلة حديثة مع قناة "فوكس نيوز"، قال خلالها السناتور مارك روبيو إنه "في غضون 5 سنوات سيكون هناك العديد من الدول التي تتداول العملات بخلاف الدولار لدرجة أننا لن نتمكن من فرض عقوبات عليها".
بدوره، وصف روبرت ف. كينيدي جونيور، الذي أعلن مؤخرًا ترشحه كمرشح ديمقراطي لرئاسة الولايات المتحدة عام 2024، انهيار النفوذ الأمريكي على السعودية، وتحالفات المملكة الجديدة مع الصين وإيران بأنها شعارات مؤلمة للفشل الذريع لاستراتيجية المحافظين الجديدة في الحفاظ على الهيمنة الأمريكية العالمية بأساليب عدوانية عبر القوة العسكرية.
المصدر: الخليج الجديد