السعدون أم الغانم لرئاسته.. هل يصمد برلمان الكويت الجديد هذه المرة؟
انتهت انتخابات مجلس الأمة الكويتي بمفاجآت وأرقام جديدة، وسط آمال الكويتيين بإجراء إصلاحات اقتصادية استناداً إلى حياة سياسية نشطة تشهدها البلاد.
Table of Contents (Show / Hide)
ويحظى مجلس الأمة، الذي ينتخب أعضاؤه لولاية مدتها أربع سنوات، بسلطات واسعة، ويشهد مناقشات حادة في كثير من الأحيان، تصل إلى استقالة الحكومة أو تدخل أميري بحل المجلس.
وهذه الانتخابات التي جرت عقب حل مجلس وإبطال آخر، الثلاثاء 7 يونيو، شهدت نجاح أبرز شخصيتين؛ عراب العمل البرلماني أحمد السعدون، ورئيس المجلس الأسبق مرزوق الغانم، حيث يتوقع أن تشهد انتخابات حامية بينهما لرئاسة المجلس، فيما يرى البعض أنه سيتم تزكية السعدون.
وينعكس أداء الرجلين على دورة العمل البرلماني المقبل، والذي يأمل الكويتيون أن تتوقف الخلافات بين المجلس والحكومة، والمضي نحو مزيد من الاستقرار وإعادة الحياة السياسية والاقتصادية إلى سابق عهدها، فما هي التوقعات للفترة المقبلة في المجلس الجديد، وهل يستمر إلى نهاية ولايته عام 2027؟
تغيير 24٪
كمخرج لأزمة مؤسساتية تفجرت عقب قرار المحكمة الدستورية إبطال مجلس الأمة 2022، وإعادة مجلس 2020 قبل حل الأخير بقرار أميري، شهدت الكويت انتخابات انتهت بتغيير 24٪ من أعضائه عما كان عليه برلمان 2022 المنحل.
إذ شهد صعود 10 وجوه جديدة موزعين على الدوائر الخمس، مع اختراق وجوه شبابية شكلت مفاجأة في بعض الدوائر، وحفاظ وجوه شبابية في المجلس المبطل على مقاعدها، فيما خسرت المرأة مقعداً من أصل مقعدين.
وحافظت كتلة "الخمسة" على تموضعها في المراكز الخمسة الأولى في الدوائر، في حين تراجع عضو الكتلة بدر الملا إلى المركز العاشر، فيما عاد إلى المقاعد النيابية 25 نائباً من المجالس السابقة، كما تمكن 12 عضواً مبطلين فازوا في انتخابات 2022 لأول مرة من الحفاظ على مقاعدهم.
وحافظت الحركة الدستورية الإسلامية "حدس"، الجناح السياسي لـ"الإخوان المسلمين" في الكويت، على مقاعدها التي حصدتها في المجلس المبطل 2022، بواقع 3 مقاعد أساسية، كما فاز المقرب من الحركة فلاح الهاجري.
في حين خسرت الكتلة الشيعية مقعدين من مقاعدها التسعة في المجلس المبطل 2022، لتصبح 7 أعضاء، فيما خسر مرشحا كتلة "العدالة والسلام"، وحقق التيار السلفي نجاحاً لافتاً ورفع تمثيله مع مؤيديه إلى 5 مقاعد.
السعدون والغانم
في الانتخابات التي أقيمت في 2022، عاد عراب العمل البرلماني أحمد السعدون إلى المجلس، قبل أن يقود رئاسته بعد تزكية من النواب، وفي حينها غاب رئيس البرلمان الأسبق مرزوق الغانم بعد إعلانه عدم دخوله الانتخابات، ليعود لاحقاً لرئاسة المجلس مجدداً بعد إبطال المحكمة الدستورية لبرلمان 2022، وإعادة برلمان 2020 الذي تم حله لاحقاً.
لكن هذه المرة يعود النائبان مجدداً إلى المجلس المنتخب، وسط توقعات بأن المعركة ستكون حامية بين المخضرمين على رئاسة المجلس، فيما يرى البعض أن حظوظ الغانم بمنصب رئيس مجلس الأمة ضعيفة للغاية.
لكن على الرغم من ذلك تشير التوقعات إلى أن الغانم يسعى إلى تشكيل كتلة معارضة في المجلس، والضغط على القيادة السياسية من داخله لتحقيق مكاسب سياسية في مواجهة حكومة الشيخ أحمد النواف الصباح.
وحول إمكانية وجود صراع بين السعدون والغانم، يستبعد المحلل السياسي والمستشار الأمني الكويتي ناصر المصري، حدوث ذلك، مشيراً إلى أن السعدون سيفوز برئاسة المجلس "وبالتزكية لا بالانتخاب".
ويشير، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن "المجلس لن يشهد أي صراع داخله" وأن "مستقبل المجلس متعلق بالصراع مع الحكومة".
أما الأكاديمي والباحث السياسي د.عايد المناع، فيتوقع "عدم إقدام الغانم على التفكير بالرئاسة ما لم يضمن النجاح"، مشيراً إلى أنه "إذا قررت الحكومة أن تصوت لأحد الطرفين فحتماً لن يكون له نصيب".
وأرجع، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، ذلك إلى "الخلاف الشديد مع رئيس الوزراء في حال أعيد تكليفه، وأيضاً حتى من النواب الذين لهم علاقة مع الحكومة".
ولذلك- حسب المناع- فإن السعدون "سيعود رئيساً للبرلمان، والغانم لن يرى نفسه منافساً لرجل بقامة وتاريخ السعدون، وربما لها جوانب نفسية واجتماعية".
وكان ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد استقبل، في 21 فبراير الماضي، السعدون والغانم، كلاً على حدة، ضمن مشاورات كان هدفها الوصول إلى توافق بشأن تشكيل الحكومة الجديدة التي أعلنت لاحقاً برئاسة الشيخ أحمد نواف.
مصير المجلس والصراع مع الحكومة
على مدار الأعوام الأخيرة، وخصوصاً منذ العام 2020، أعاقت المواجهة بين السلطة التنفيذية والتشريعية الإصلاحات التي يحتاج إليها الاقتصاد الكويتي الراغب بتنويع موارده، وهو وضع يتناقض مع الجيران الآخرين في مجلس التعاون الخليجي، والماضين في مشاريع لتنويع اقتصاداتهم وجذب المستثمرين الأجانب.
وعادة ما تكون رغبة المجلس في استجواب رئيس الحكومة وانتقاده في حالة أغلبية معارضة، عاملاً مسرعاً لحله، ما يفضي إلى مراوحة سياسية في ذات المكان، حيث كانت العلاقة بين الحكومة والنواب المعارضين الأسوأ في المجلس السابق.
وحول ما إذا كانت الخلافات ستعود لتعصف بالمجلس مجدداً، يقول الدكتور المناع لـ"الخليج أونلاين": "إذا نجى البرلمان من الطعون والإبطال فقد لا ينجو من الحل، لأن لرئيس الدولة الأمير صلاحية الحل لأسباب مختلفة".
لكن "الحل"، وفقاً للباحث الكويتي، "لن يكون موجوداً إذا لم يكن هناك أزمة وتوتير للعلاقة بين المجلس والحكومة مثل المتطلبات الرقابية، التي دائماً ما تكون سبب التوتر، ورفع رئيس الوزراء مذكرة عدم تعاون للأمير".
وأضاف: "في هذه الحالة إما أن يقبل الأمير استقالة رئيس الوزراء ويشكل حكومة جديدة، أو يقوم بحل مجلس الأمة"، مضيفاً: "الأمير لا يلجأ للحل إلا إن تكررت الخلافات والصراعات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وقد يترتب عليه العودة للشعب مرة أخرى كما حصل سابقاً لانتخاب برلمان جديد".
ويتفق المحلل السياسي والمستشار الأمني الكويتي ناصر المصري مع حديث المناع، في أن الخلافات بين الحكومة والمجلس "قد تحدث كأمر طبيعي، ضمن الخلافات المعهودة في كل البلدان".
لكنه يؤكد أن "المواطنين وصلوا إلى مرحلة التعب والملل من الخلافات والانتخابات"، مضيفاً: "المواطن يتمنى الاستقرار والعيش والتمتع بالثروة التي تملكها الكويت، حيث أصبحت الدولة الشاذة في دول الخليج العربي التي لا يعيش المواطنون فيها باستقرار اقتصادي وسياسي".
وتابع، في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "الحديث عن التجربة الديمقراطية وأثرها من أي دولة أخرى لا يهم المواطن، فنحن نفتخر بها لكنها لا ترتبط لا بتقدمنا ولا بتأخرنا".
وأكمل: "ما يحدث من أزمات سياسية ليس له علاقة بالديمقراطية"، مشيراً إلى أن "حل المجلس أمر وارد كما هو بالدستور"، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن "المواطنين يأملون في أن تتوقف الخلافات، على الرغم من الإحباط والجمود الكبير جداً في أوساط المواطنين".