لغز “قارب الجواسيس” يزداد غموضاً.. ماذا وراء غرق ضباط موساد إسرائيليين وآخرين ببحيرة ماجيوري الإيطالية؟
لا يزال حادث غرق القارب "غودوريا"، في 28 مايو/أيار 2023، ببحيرة ماجيوري الإيطالية يزداد غموضاً، فقد كان يحمل عدداً من ضباط الموساد الإسرائيليين وضباط مخابرات إيطالية، وذلك بعد كشف السلطات الإسرائيلية بعضاً من أسماء الضحايا.
Table of Contents (Show / Hide)
تقول صحيفة The Times البريطانية، إن حاملاً معدنياً برز من مياه بحيرة ماجيوري قرب موقع التخييم "أوكي"، ليمثل العلامة الظاهرة الوحيدة من قارب المتعة الغارق، الذي أرسل 4 من ركابه إلى قبورهم وأثار لغز جاسوسيةٍ عالمي.
بينما وقف ماركو، عامل مركز الاتصالات من ألمانيا، لتأمُّل تلك العلامة من أمام خيمته أثناء حفلة شواء. وقال لصحيفة ذي تايمز: "يشاهد أطفالي منذ أيامٍ أناساً يحاولون انتشال القارب ويفشلون في ذلك".
وكانت هذه هي "النهاية المخزية" لقصةٍ ملحميةٍ شهدت تعرُّض ربان قارب لعاصفةٍ غريبة في بحيرةٍ إيطالية، مع أحاديث بأن عملاء الاستخبارات الإيطالية والإسرائيلية على متنه كانوا في "مهمة لمنع إيران من بناء صواريخها النووية".
وتقول الصحيفة البريطانية، إن ما نعلمه هو أن القارب كان يحمل على متنه 8 عملاء في المخابرات الإيطالية و13 آخرين من الموساد الإسرائيلي -بعضهم في الخدمة، وبعضهم متقاعد-، قبل أن يسقطوا في البحيرة يوم 28 من مايو/أيار 2023.
وقال أحد الموظفين في موقع التخييم: "كان الوضع جنونياً. لقد سمعنا أصوات المروحيات، وسيارات الإسعاف، والكثير من رجال الشرطة الذين وصلوا لإخراج الناجين على الفور".
ضباط موساد في إيطاليا كانوا يعملون على وضع خطة ضد إيران
بحلول اليوم التالي، تم إخراج الناجين من المستشفى المحلي سراً دون ترك أثر. وتوجه الإسرائيليون إلى طائرةٍ خاصة نقلتهم إلى تل أبيب على عجل. بينما أصرّت الحكومة الإيطالية على أن الحدث "كان مجرد حفل عيد ميلاد"، لكن لا أحد يصدق هذا الادعاء.
وكشفت إسرائيل أن الضحية إيريز شيموني (50 عاماً) كان عميل موساد سابق "كرّس حياته لأمن دولة إسرائيل، حتى بعد تقاعده". ثم نشرت قناة Channel 12 News دليلاً مهماً يقول إنه كان في إيطاليا لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية.
وقال جيانلوكا دي فيو، نائب رئيس تحرير صحيفة La Repubblica الإيطالية، إن العملاء الطليان كانوا ينتمون إلى وكالة الأمن والاستخبارات الخارجية الإيطالية. وتعمل هذه الوكالة داخل حدود إيطاليا لمكافحة صفقات الأسلحة الكيميائية، أو البيولوجية، أو النووية فقط.
وأوضح دي فيو، المتخصص في التقارير الدفاعية والاستخباراتية: "يقول تخميني إنهم كانوا يحتفلون بعد عملية كبيرة لوقف صفقة إيرانية من أجل شراء مكونات أسلحةٍ نووية. ومن المحتمل أنها كانت صفقةً لشراء معدات الاستخدام المزدوج من شركةٍ إيطالية، أو صفقة مع مبعوث من دولة ثالثة سافر إلى إيطاليا لحضور اجتماع. ويُشير حجم الفريق إلى أنهم كانوا يراقبون أهدافهم".
في ما تقول مجلة Oggi الإيطالية إن نظرية ثانية تقول إن المجموعة زارت مركز الأبحاث القريب في إسبرا، الذي يدرس آليات منع الانتشار النووية.
ما الهدف الإيراني الذي كان يطارده عملاء الموساد في إيطاليا؟
ومع اقتراب إيران من بناء صواريخها النووية، وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في يناير/كانون الثاني بأنه سيفعل "كل ما بوسع إسرائيل لمنع إيران من الحصول على الأسلحة النووية، وكذلك وسائل إطلاقها".
وقد فشلت محاولات إسرائيل لاختراق حواسيب البرنامج النووي الإيراني حتى الآن. كما أن اغتيال إسرائيل المزعوم لعالم نووي إيراني بارز عام 2020 لم ينجح في تعطيل طموحات طهران.
وقال نيكولا بيدي، مدير مركز أبحاث Institute for Global Studies في روما: "هناك نقاش دائر داخل الجيش الإيراني الآن بشأن الانسحاب من المعاهدة الدولية للحد من الانتشار النووي، وإسرائيل تشعر بقلق شديد".
بينما أوضح دي فيو أن إيطاليا هي موقع طبيعي للقاء المشترين الإيرانيين ببائعي تقنيات الصواريخ. حيث قال: "يمكنك دخول إيطاليا بالسيارة قادماً من دول أخرى مثل النمسا، قبل الاختلاط مع السياح لتجنب رصدك".
لكن الصادم بالنسبة للخبراء كان قرار عملاء المخابرات أن ينهوا عمليتهم "باحتفالٍ في العلن".
وأضاف دي فيو: "يتعلم الجواسيس توخي الحذر، وقد يساعد تجمع كهذا بعد عملية مشتركة في بناء ثقة الفريق. لكنني لم أسمع بحدوث تجمعات كتلك داخل مطعم مثلاً، بل تحدث داخل فيلا مستأجرة أو مملوكة، بينما تطبخ الزوجات الطعام".
"واقعة محرجة للمجتمع الاستخباراتي"
من جهته، قال قائد الناتو الإيطالي السابق، فابيو ميني، إن المجموعة ربما كانت تضم متقاعدين، لكن ذلك الأمر ليس عذراً. وأوضح لصحيفة ذي تايمز: "لا يتقاعد المرء من عالم الاستخبارات في الواقع، وربما كانوا يتبادلون المعلومات. وعلى أي حال، كان التجمع مكشوفاً أكثر من اللازم، وتحول إلى واقعةٍ محرجة للمجتمع الاستخباراتي".
وظهرت تكهنات تقول إن كلاوديو كارميناتي (60 عاماً)، ربان القارب، كان على علاقة بعالم الاستخبارات. لكن السكان المحليين عند بحيرة ماجيوري يقولون إنه كان مجرد مالك قارب ومدير مغسلةٍ سابق، وهو في حدادٍ اليوم بسبب وفاة زوجته الروسية التي كانت عاملة نظافة قبل زواجها به.
وأوضح فيديريكو مونتي، عمدة بلدة أرونا الذي عقد قران الزوجين: "من السخيف إعلان أنه كان جاسوساً. لقد وضعه أحدهم في اتصال مع تلك المجموعة لترتيب رحلة القارب بكل بساطة".
وكان مونتي من بين الحضور في عشاءٍ خيري أُقيم لصالح كارميناتي الأسبوع الجاري. واستضاف العشاء جيانلوكا بوسون (66 عاماً)، وهو مالك مطعمٍ قال إن ربان القارب في أمسّ الحاجة إلى المال حتى يدفع أتعاب المحامي، بالتزامن مع تحقيق القضاة في طريقة تعامله مع القارب.
وأردف بوسون: "لقد كان يعيش على متن القارب. مما يعني أنه فقد منزله وزوجته معاً، فضلاً عن غرق كلبه. كما أننا اضطررنا لإقراضه ثياباً حتى يرتديها في جنازة زوجته".
المصدر: عربي بوست