تصريحات سوليفان امس الثلاثاء اكدتها التطورات اللاحقة في الكيان الصهيوني التي انتهت إلى فشل الوساطة التي قام بها رئيس كيان الاحتلال الاسرائيلي يتسحاق هرتسوغ بين غانتس ونتنياهو لتشكيل حكومة ائتلاف جديدة تجمد الاصلاحات القضائية وتستبعد كلاً من سموتريتش وبن غفير بما يمهد لتحقيق اتفاق تطبيع مع السعودية، بحسب زعم الصحافة العبرية.
وساطة هرتسوغ انتهت قبل ان تبدأ بهجوم عنيف شنه بيني غانتس على بنيامين نتنياهو مقابل خطاب لنتنياهو دعا فيه غانتس لمفاوضات دون شروط مسبقة.
أمام هذه الحقائق المتوقعة فإن مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان لم يكن معنياً برفع سقف التوقعات، ففي إفادته الصحفية يوم امس اكد أن مبعوث الإدارة الأمريكية للشرق الأوسط بريت ماكغورك، ومساعدة وزير الخارجية باربرا ليف، انضما إلى المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ في الرياض لمناقشة عدد من القضايا التي لا تنحصر في ملف التطبيع بحسب زعمه.
تصريحات سوليفان جاءت لتخفيض التوقعات، والحد من وطأة التسريبات التي تنشرها وسائل الاعلام العبرية، اذ بات واضحا انه يسعى لتوفير مساحة اوسع للحركة وإزالة الضغوط عن المسؤولين الامريكان بعد أن حصر الإعلام العبري وائتلاف نتنياهو الجهود الأمريكية بملف التطبيع ودعم جهود الاحتلال لقمع المقاومة الصاعدة في الضفة الغربية بمعزل عن اي دور لزعيمي المعارضة غانتس ولبيد.
يمكن القول ان النشاط الأمريكي لتحقيق اختراق في ملف التطبيع مع السعودية يسير بالتوازي من الاختراقات التي تسعى ادارة بايدن إلى تحقيقها لتفكيك الائتلاف الحاكم في الكيان الصهيوني، ووقف عجلة التعديلات القضائية التي ستعزز من مكانة اليمين الديني المتطرف في مقابل اليمين العلماني العنصري؛ معضلة اخرى تجعل من التطبيع ملفاً شائكاً ومعقداً يوفر للسعودية مساحة جديدة للمناورة والتهرب من الضغوط الامريكية.
في كل الاحوال لا زال الغموض يخيم على المشهد الذي تسيطر عليه وسائل الاعلام العبرية وتصريحات المسؤولين الأمريكيين والاسرائيليين دون أن يصدر من المسؤولين العرب في الرياض او قيادات السلطة في رام الله تأكيد او نفي لهذه الادعاءات.
فعوامل الإخفاق والتقدم تبقى رهينة التحليلات وما يقدمه الإعلام العبري من معلومات لتتحول العملية إلى مناورة سياسية وأمنية أمريكية إسرائيلية لخفض التصعيد وإدارة العلاقة مع حكومة نتنياهو التي تجد بدورها صعوبة في تقبل سلطة الرئيس عباس في رام الله، في مقابل تقبل وانفتاح محدود تجده سلطة رام الله عند غانتس ولبيد.
قراءة تدعمها مجموعة من المؤشرات آخرها تصريحات بيني غانتس يوم امس باتهامه وزير الخارجية ايلي كوهين بالانشغال في ادارة العلاقات العامة بدل الانشغال في السياسة الخارجية؛ في إشارة إلى فضيحة وزيرة الخارجية الليبية المقالة نجلاء المنقوش.
وهي مؤشرات تؤكد أن عملية تطبيع سعودية مع الكيان الصهيوني لا زالت بعيدة المنال في المدى المنظور؛ لصعوبة اكتمال شروطها الاساسية عند الوسطاء وعند الاطراف المعنية فيها.
*حازم عياد كاتب صحفي وباحث سياسي