وتهدف "الاتفاقية الشاملة للتكامل الأمني والازدهار" إلى دفع مستويات التعاون بين واشنطن والمنامة نحو مزيد من التكامل غير المسبوق في المجال الأمني والعسكري والاستخباراتي وكذلك في قطاعات التكنولوجيا الحديثة والتجارة والاستثمار.
وهذه الاتفاقية بمثابة ترقية للالتزام الأمني الأمريكي تجاه البحرين، إذ تهدف إلى ردع التهديدات، ففي حال وقوع هجوم على المملكة، فإن الولايات المتحدة ملتزمة بالتشاور الفوري مع حليفتها ومناقشة سبل الرد. لكنها لا توفر ضمانات المادة 5 الخاصة بحلف شمال الأطلسي (الناتو)، والتي تعتبر أي هجوم على عضو في الحلف هو هجوم على كل أعضائه.
وخلال حفل التوقيع، قال وزير الخارجية أنتوني بلينكن: "إننا نتطلع إلى استخدام هذه الاتفاقية كإطار لدول إضافية قد ترغب في الانضمام إلينا في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتعاون الاقتصادي والابتكار التكنولوجي".
وبحسب بيلار، "من الواضح أن الدولة الإضافية التي تفكر فيها الإدارة (الأمريكية) أكثر من غيرها هي السعودية، التي حددت معاهدة دفاع (تستلزم موافقة الكونجرس) مع الولايات المتحدة كجزء من الثمن الذي تطالب به مقابل رفع مستوى علاقتها المهمة بالفعل مع إسرائيل إلى علاقات دبلوماسية كاملة".
وتابع: "ومن الواضح أن الإدارة تأمل أن تكون الاتفاقية مع البحرين (لا تستلتزم موافقة الكونجرس) نموذجا لنوع الاتفاقية التي من شأنها تلبية الطلب السعودي مع تجاوز المعارضة المحتملة في الكابيتول هيل (الكونجرس)".
ومقابل صمت رسمي سعودي، تتواتر تقارير إعلامية أمريكية وإسرائيلية منذ أشهر عن أن الرياض عرضت على واشنطن إمكانية تطبيع العلاقات بين المملكة وإسرائيل مقابل قائمة مطالب، في مقدمتها توقيع معاهدة دفاع مشترك بين السعودية والولايات المتحدة.
ولا تقيم السعودية علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، وترهن الأمر بقبول الأخيرة الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.
خطر تصعيد خليجي
و"على الرغم من الجهود التي تبذلها إدارة بايدن للتوسط في اتفاق لتحسين العلاقات بين إسرائيل والسعودية، إلا أنها لم توضح بعد كيف يمكن لأي اتفاق من هذا القبيل أن يخدم المصالح الأمريكية أو قضية السلام والاستقرار في الشرق الأوسط"، وفقا لبيلار.
واعتبر أن هذا الاتفاق "لن يؤدي إلا إلى إطالة أمد المواجهة وعدم الاستقرار في المنطقة، بل وزيادة هذه المواجهة".
وأردف: "ولكي نفهم السبب، علينا أن نلاحظ الأهداف الإسرائيلية الرئيسية في السعي إلى تبادل السفارات والسفراء مع دول الخليج العربية، التي ليست في حالة حرب معها".
و"أحد الأهداف يتلخص في تكثيف المواجهة مع إيران وإضفاء الطابع المؤسسي عليها، وبالتالي إبقائها عدوا شريرا يمكن إلقاء اللوم عليه عن كل المشاكل في المنطقة، وتحويل الانتباه الدولي عن أي مشاكل تتعلق بسلوك إسرائيل"، كما أضاف بيلار.
ورأى أن "هذا يعني المزيد، وليس أقل، من التوتر وخطر التصعيد في منطقة الخليج، وذلك حتى قبل النظر في المزيد من الثمن الذي سيدفعه بايدن للنظام السعودي مقابل تحسين العلاقات مع الإسرائيليين، بما في ذلك المزيد من مبيعات الأسلحة غير المقيدة والمساعدة في البرنامج النووي السعودي".
وكثيرا ما اتهمت الولايات المتحدة وعواصم إقليمية، في مقدمتها الرياض وتل أبيب، طهران بامتلاك أجندة توسعية في المنطقة، والتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية، بينها اليمن ولبنان وسوريا والعراق، بينما تقول إيران إنها تلتزم بمبادئ حُسن الجوار.
لا دولة فلسطينية
والهدف الإسرائيلي الآخر، بحسب بيلار، هو "إثبات أن إسرائيل قادرة على التمتع بعلاقات طبيعية مع دول المنطقة مع مواصلة احتلالها للأراضي الفلسطينية".
وأضاف أن "رفع مستوى علاقات إسرائيل مع السعودية، كما حدث مع البحرين والمغرب والإمارات، سيؤدي إلى عدم إحلال تل أبيب للسلام مع الفلسطينيين".
وبوساطة من الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة دونالد ترامب، وقَّعت إسرائيل في عام 2020 اتفاقيات لتطبيع العلاقات مع كل من الإمارات والبحرين والمغرب لتنضم إلى مصر والأردن كخمس دول عربية من أصل 22 تقيم علاقات رسمية معلنة مع تل أبيب.
وشدد بيلار على أنه "من غير المتصور أن تقوم الحكومة الإسرائيلية الحالية (يمينية متطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو) بأي شيء جوهري من شأنه الاقتراب من إقامة دولة فلسطينية أو أي حل آخر للصراع الإسرائيلي الفلسطيني".