لماذا يصر الإعلام الغربي على نصب فخ إدانة حماس للفلسطينيين ومؤيديهم؟
سلط الكاتبان نيكي قطورة، وجيو ماهر، الضوء على نفاق وسائل الإعلام الغربية في التعامل مع الفلسطينيين والإسرائيليين خلال الجولة الأخيرة من القتال المتواصل منذ 7 أكتوبر/ تشرين المنصرم بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحركات المقاومة الإسلامية في غزة.
Table of Contents (Show / Hide)
وأسفر القتال الذي تشنه إسرائيل عبر البحر والجو والبر على غزة عن تدمير أحياء سكنية كاملة على رؤوس ساكنيها، واستشهاد 11078 فلسطينيا بينهم 4506 أطفال و3027 سيدة و678 مسنا وأصاب 27490 بجراح مختلفة.
وذكر الكاتبان أنه وسائل الإعلام الغربية الرئيسية تطلب دوما من ضيوفها الفلسطينيين أو المؤيدون لحقهم في التحرر، بشكل روتيني إدانة حماس وفصائل المقاومة كشرط مسبق لإجراء مقابلات أو مناقشات، بينما لا يتعرض المسؤولون الإسرائيليون الذين يمارسون العنف على أرض الواقع لنفس المعاملة.
وأوضحا أن المسؤولين والعسكريين الإسرائيليين، الذين ظهروا على شبكة سي إن إن، على سبيل المثال لم يُطلب منهم أحد إدانة التفجيرات الشاملة التي نفذها جيش الاحتلال على المبان السكنية في غزة، إدانة العقاب الجماعي الإسرائيلي للمدنيين في القطاع الذي تم محو أحياء كاملة منه بسبب قصف جيش الاحتلال.
ولكن عندما يتم استضافة فلسطيني فإن يجد واقعا مغايرا في وسائل الإعلام تلك، وعندما يحول الضيوف الفلسطينيين أو المؤيدون لهم تركيزهم بشكل صحيح إلى إدانة الاحتلال العسكري الوحشي من جانب إسرائيل، يتم مقاطعتهم وحتى رفضهم من قبل مستضيفيهم لإعادة الوضع للمهمة الأساسية وهو إدانة المقاومة الفلسطينية.
وذكر الكاتبان أن السؤال بـ"هل تدين حماس؟" المجهز مسبقا للضيوف الفلسطينيين ومؤيد قضيتهم لا يتضمن فقط مغالطة منطقية ولكنه يسطح أيضا 75 عاما من الاستعمار الاستيطاني في مجرد الإجابة عليه بنعم أو لا.
وأضافا أنه يجب على الضيف بوسائل الإعلام الرئيسية الغربية أن يدين الفلسطينيين قبل أن يتمكن من الحديث عن أي شيء، ناهيك عن إدانة هجمات الإبادة الجماعية الإسرائيلية على غزة التي أودت بحياة أكثر من 10 آلاف شخص في الشهر الماضي، وما تزال تحصد حياة المئات يوميا حتى الآن.
واستشهد الكاتبان باستخدام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اقتباسات من التوراة في منشور تم توزيعه على الضباط والجنود الإسرائيلي للتبرير والتحريض على القتال ضد قطاع غزة وأبرزها "أذكر ما فعله بك عماليق".
ويمثل العماليق ذروة الشر في التقاليد اليهودية، ويستخدم هذا التعبير للإشارة إلى الشعوب التي تُهدِّد الوجود اليهودي، واستخدمه نتنياهو أكثر من مرة في تحفيز الجيش الإسرائيلي في حربه ضد قطاع غزة.
وأشار الكاتبان إلى أن الثنائية الاستعمارية الأساسية الحضارة في مقابل البربرية ما تزال تحتفظ بدرجة مذهلة من الجاذبية اليوم.
فالنسبة لـ"إليوت كوهين" في مجلة أتلانتيك، فإن القتال ضد حماس "يتعلق بالهمجية" بكل وضوح.
وأضاف أن "البرابرة يقاتلون لأنهم يستمتعون بالعنف" و"يبذلون قصارى جهدهم لإلحاق الألم والتعذيب والاغتصاب، وقبل كل شيء للإذلال".
وفي محاولة يائسة لإنكار أن النضال الفلسطيني هو نضال مناهض للاستعمار، قال سيمون سيباج مونتيفيوري" أن "هجوم حماس يشبه غارة مغولية في العصور الوسطى من أجل الذبح والغنائم البشرية".
لكن بحسب الكاتب والسياسي الراحل إيمي سيزير، فإن الاستعمار والحضارة لا يتفقان فحسب، بل إن المستعمرين، من خلال تبرير الوحشية يجردون أنفسهم من إنسانيتهم، ويصبحون همجيين.
وأضاف الكاتبان أنه في ظل تلك التبريرات والتحريض، فليس من المستغرب أن نجد عددًا كبيرًا من مقاطع الفيديو التي سجلها جنود إسرائيليون في الأسابيع الأخيرة وهم يهينون الرهائن الفلسطينيين، حتى أن صحيفة "هآرتس" العبرية ذكرت كيف قاموا بتجريد الأسرى من ملابسهم، والتبول عليهم، وإحراقهم بالسجائر.
ووفق سيزار فإنه "لا أحد يستعمر ببراءة".
وببساطة لقد تم بالفعل إدانة الفلسطينيين ومقاومتهم التي وصفها وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت بـ "الحيوانات البشرية"، تعطي تلك الإدانة وهذا الوصف ضوءا أخضرا لارتكاب إبادة جماعية في حق الفلسطينيين.
وخلال الهجوم الإسرائيلي السابق على غزة في عام 2021 والذي أدى إلى مقتل أكثر من 260 فلسطينيًا، وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش غزة بأنها "جحيم على الأرض"، وهو واقع تفاقم بلا شك في الشهر الماضي مع نزوح داخلي لـ 1.4 مليون فلسطيني.
ودُمرت أكثر من نصف المنازل السكنية، وانقطعت الكهرباء أو الوقود للمستشفيات، وتجري عمليات بتر للجرحى وعمليات قيصرية للحوامل دون تخدير.
ولكن كل هذا لا يكفي أن يُدفع الفلسطينيون إلى حدود الإنسانية، ويجب عليهم أيضًا أن يدينوا أنفسهم لكونهم تجرؤا على القتال ضد الإسرائيليين واسقاط جزءا من سياجهم الفاصل.
واعتبر الكاتبان أن مطالبة الفلسطينيين بإدانة "حماس" اليوم يعني مطالبتهم بضمان قمعهم، وهو فخ لأن أي شيء يقولونه لن يكون كافيا على الإطلاق (كما يوضح توجيه مجلس النواب اللوم للنائبة رشيدة طليب على استخدامها عبارة فلسطين من البحر للنهر).
ومع ذلك، والحديث للكاتبين، فإن إدانة حماس تعد أكثر من مجرد فخ، فهي تعتبر عائق أمام العمل على إنهاء الاستعمار واستعادة الأرض والتحرير.
كما أن الإدانة تهمش الواقع المادي لأعمال الإبادة الجماعية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، كما لا يمكن من خلال تلك العبارة التافهة إعادة الإسرائيليين الذي قتلوا إلى الحياة ولا محو آثار ما يزيد على 30 ألف طن من القنابل التي أسقطتها إسرائيل بالفعل على قطاع غزة المحاصر - أي أكثر من الحمولة النووية مجتمعة لهيروشيما. وناجازاكي، وتركزت في منطقة أصغر بكثير.
وعلى العكس من ذلك أيضاً، فإن الأمين العام جوتيريس، بينما يشرف على هيئة دولية يُزعم أنها تهدف إلى دعم القانون الدولي، يستطيع بالكاد حشد إدانة ضعيفة للاحتلال المستمر منذ عقود والدولة الاستعمارية التي ارتكبت العشرات من جرائم الحرب في ما يزيد قليلاً عن عام واحد. شهر.
ورأي الكاتبان أن أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل إنهاء الاستعمار غير ممكن سوى بالعنف أنه بغض النظر عن التكتيكات التي يختارها المدانون، فسوف يُنظر إليهم دائمًا على أنهم عنيفون بحكم تعريفهم، وسيقابلون بوحشية غير متناسبة في المقابل.
وبينما يستمر العالم في المطالبة بإدانة حماس والفلسطينيون، فقد حشدت إسرائيل والولايات المتحدة الآلاف من القوات ـ ونشرت الولايات المتحدة غواصة مزودة بصواريخ كروز في المياه القريبة مع "قوة عمليات خاصة" ـ استعداداً للغزو البري المستمر لسجن (غزة) محاصر ضد شعب عديم الجنسية ولا يملك قوة عسكرية أو بحرية.
وخلص الكاتبان إلى القول إنه لحسن الحظ، فإن أولئك الذين يتحملون وطأة الهجوم الإسرائيلي اليوم لم يقعوا في فخ الإدانة كغيرهم في خارج القطاع. مشيرا إلي أنه بالنسبة للفلسطينيين في غزة وخارجها، وبالنسبة للبائسين في أرضنا المشتركة، كما بالنسبة فإن "القتال هو الحل الوحيد".