تقدير أمريكي: الرياض سترغب في مكاسب مقابل تمويل غزة بعد حماس
لن توافق السعودية على لعب دور مالي في مستقبل قطاع غزة ما بعد حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، إلا إذا حصلت على مكاسب من الولايات المتحدة كتلك التي كانت تسعى للحصول عليها من واشنطن مقابل التقارب مع إسرائيل.
Table of Contents (Show / Hide)
تلك القراءة طرحها جريجوري جوس، عبر تحليل بمجلة "فورين أفيرز" الأمريكية (Foreign Affairs)، في ظل حرب متواصلة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بين جيش الاحتلال الإسرائيلي من جهة وحركة "حماس" وبقية فصائل المقاومة في غزة من جهة أخرى.
جوس قال، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إن "حماس ستكون قادرة على تحقيق عدد قليل جدا من الانتصارات في حربها مع إسرائيل، لكن الانتصار الذي حققته بالفعل هو التوقف المفاجئ في الزخم نحو التوصل إلى اتفاق بوساطة أمريكية بين إسرائيل والسعودية".
وتابع أن "الاتفاق الإسرائيلي السعودي كان سيؤدي إلى تطبيع العلاقات بين البلدين، وإدخال المملكة بقوة أكبر في الحظيرة الأمنية الأمريكية، وانتزاع التزامات إسرائيلية بشأن القضية الفلسطينية، وربما كانت المخاوف من التقارب الإسرائيلي السعودي أحد الدوافع الرئيسية لهجوم حماس في 7 أكتوبر".
ورأى أن "الحرب تضع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في موقف صعب على الأقل على المدى القصير، فهو يتوق إلى الاستقرار الإقليمي، بما يسهل عليه متابعة هدفه المتمثل في تنويع اقتصاد المملكة وتقليل اعتمادها على صادرات النفط، لكن العنف المروع والتهديد بتصعيد أوسع يهددان تقدمه على هذه الجبهة".
وأردف: "ويدعو القادة الأمريكيون والأوروبيون السعودية إلى القيام بدور قيادي في غزة ما بعد حماس، بينما تحث المجموعات الإقليمية والمحلية الرياض على دعم الفلسطينيين بشكل أكثر فعالية، لكن من المرجح أن يشعر الجانبان بخيبة أمل".
التطبيع مع إسرائيل
و"لا تمتلك السعودية القدرة ولا الرغبة في نشر قوات على الأرض في غزة ما بعد الحرب أو تمويل إعادة إعمار غزة على نطاق واسع"، كما أضاف جوس.
وأردف: "كما أنها لم تظهر أي استعداد لاستخدام الأدوات المتاحة لها مثل خفض إنتاج النفط أو صادراته للضغط على إسرائيل والولايات المتحدة".
وزاد بأنه "على الرغم من أن الاتفاق الإسرائيلي السعودي غير مطروح على الطاولة حاليا، إلا أن الحوافز التي دفعت السعودية إلى التفكير في الاعتراف بإسرائيل لم تختف".
ووفقا لتقارير إعلامية أمريكية وإسرائيلية ترغب السعودية في تطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل توقيع المملكة معاهدة دفاع مشترك مع الولايات المتحدة والحصول على أسلحة أكثر تطورا وتشغيل دورة وقود نووية كاملة، بما فيها تخصيب اليورانيوم داخل المملكة، بالإضافة إلى التزامات إسرائيلية نحو إقامة دولة فلسطينية.
وأضاف جوس أنه "لا يمكن تحقيق أهداف محمد بن سلمان الاقتصادية الطموحة للمملكة إلا في شرق أوسط مستقر، وفي ظل علاقات قوية مع الولايات المتحدة، وستشكل هذه الأجندة طويلة المدى مسار عمله في الصراع الحالي".
مستقبل غزة
و"لا تكن الرياض الكثير من الحب لحماس، فقد كان السعوديون يخشون ويعارضون المكاسب السياسية التي حققتها الجماعات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين في مصر وتونس وأماكن أخرى خلال الربيع العربي (بداية من 2011)، وحماس هي الفرع الفلسطيني لجماعة الإخوان"، كما تابع جوس.
واستدرك: "لكن لا يمكن أن يُنظر إلى السعوديين وكأنهم يقفون جانبا (أو الأسوأ من ذلك أنهم يواصلون التفاوض مع إسرائيل) بينما يهاجم الإسرائيليون الفلسطينيين في غزة".
وأضاف أن "لدى الرياض مصلحة في إنهاء القتال وإحراز تقدم نحو تسوية سلمية للقضية الإسرائيلية الفلسطينية، لكن ليس لديها حاليا سوى القليل من الأدوات التي يمكنها أو ستستخدمها لتحقيق هذا الهدف".
ولفت إلى أن "وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ومعلقين أمريكيين اقترحوا أن تلعب الدول العربية تلعب دورا في إدارة غزة ما بعد الحرب، وتدعو المقترحات الأكثر طموحا السعودية إلى المساهمة بعسكريين وإداريين لحكم غزة بعد الحرب".
وأردف: "ولا تزال المقترحات الأكثر تواضعا تسند للسعوديين دور تمويل إعادة إعمار غزة، لكن الرياض لن تسمح بأن يُنظر إليها على أنها تعمل على تنظيف الفوضى الإسرائيلية في غزة".
واستطرد: "كما لا تتمتع قوات الأمن الداخلي السعودية بأي خبرة في العمل خارج حدودها، والأداء الضعيف للجيش السعودي في اليمن لا يبشر بنشره في أماكن أخرى، ولم تعمل القوات السعودية قط كقوات حفظ سلام تحت علم الأمم المتحدة".
جوس قال إنه "من الممكن أن تكون المملكة على استعداد للعب دور مالي في الإدارة الانتقالية التي توافق عليها الأمم المتحدة والتي تؤدي إلى عودة سيطرة السلطة الفلسطينية على غزة".
واستدرك: "لكن هذا الدور لن يشبه صفقات المساعدات السعودية السابقة، والتي كانت بمثابة إغراق نقدي على العملاء المفضلين".
وتابع: "وقد أوضحت الرياض في المفاوضات الأخيرة مع مصر التي تعاني من ضائقة مالية أنها تفضل فرص الاستثمار، وليس التحويلات النقدية".
ورجح جوس أن "نهج السعودية تجاه غزة سيكون مشابها، ما لم تكن الولايات المتحدة مستعدة لتلطيف الصفقة بنوع المكاسب الدبلوماسية غير المتوقعة التي كانت الرياض تسعى للحصول عليها من واشنطن مقابل التقارب مع إسرائيل".
ومضى قائلا إن "أزمة غزة ستنتهي، كما تنتهي كل الأزمات. ومن المرجح أن يستغرق ذلك أشهرا وليس أسابيع، مما يؤدي إلى تعليق أي جهود دبلوماسية أخرى في الشرق الأوسط. وطالما ظلت القوات الإسرائيلية في غزة، فإن فرص استعادة الزخم في الحوار الإسرائيلي السعودي غير المباشر الذي تتوسط فيه إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن ضئيلة أو معدومة".