ويستمر قطع إمدادات الماء والكهرباء الغذاء والدواء والوقود وتكدس شاحنات المساعدات بمختلف أنواعها على حدود رفح المصرية ـ فيما يبقى معبر رفح مغلقا وتصعّد إسرائيل بقصف المستشفيات بعد قطع التيار الكهربائي ومنع إدخال الوقود وخرجت 20 مستشفى عن الخدمة في وضع مأساوي وغير مسبوق أمام مرأى ومسمع العالم بأسره ووسط عجز عربي وتواطؤ دولي! يشاهدون ويصمتون عن مجازر حرب الإبادة في أسبوعها السادس.
ووصلت الحالة البائسة في غزة إلى أن من لم يمت بالقصف العشوائي المجنون ـ سيموت من المرض والجوع وفقدان الغذاء وتلوث الماء خاصة مع شن الصهاينة حربا على المستشفيات وبدأ الأطفال الخدج بالوفاة لنفاد وقود المولدات!
وتعمد الصهاينة ارتكاب «نكبة ثانية» في ذكرى الخامسة والسبعين للنكبة الأولى، وتهجير الفلسطينيين من شمال غزة لجنوبها تمهيداً لطردهم لسيناء وتصفية غزة على أمل القضاء على حماس.
تحول نتنياهو وحربه المفتوحة لعبء ثقيل على بايدن بموافقته على القضاء على حماس والإفراج عن المحتجزين ـ وحسب ما يقوله مسؤولون للإعلام الأمريكي أنه كلما طال أمد الحرب كلما زادت عزلة أمريكا وإفلاسها الأخلاقي ـ والغضب العربي والإسلامي من إدارة بايدن.
تم كشف عن مراسلات من سفارات أمريكية في دول عربية التحذير أن دعم إدارة بايدن حرب إسرائيل على غزة سيؤدي لخسارة أمريكا الرأي العام العربي لجيل كامل»!!
بينما هدف دبلوماسية العلاقات العامة بتعيين وزارة الخارجية ناطقين باللغة العربية في دبي ـ للدفاع عن سياسات ومواقفها لكسب العقول والقلوب العرب، بينما تخسرها!
وتشهد إدارة بايدن تصدعا وتمردا داخليا في وزارة الخارجية ومن المراسلين والإعلاميين وغضب الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي وصل إلى تصويت مجلس النواب الأمريكي لتوبيخ نادر للنائبة رشيدة طليب الفلسطينية الوحيدة في مجلس النواب واتهامها بالتحريض ضد إسرائيل بسبب ترديدها مقولة من النهر إلى البحر ـ فلسطين ستتحرر!
وتصاعد وتيرة وأعداد المظاهرات في معظم المدن الأمريكية الكبرى وخاصة العاصمة واشنطن ونيويورك ولوس أنجلس، وتراجعت شعبية بايدن عند الناخبين العرب والمسلمين من 74% إلى 29% اليوم على أبواب بدء دورة الانتخابات الرئاسية بالتصفية الحزبية بدءاً من شهر يناير القادم، ويبدو أننا سنشهد تكراراً لانتخابات الرئاسة عام 2020 بين الرئيس بايدن لولاية ثانية والرئيس السابق ترامب رغم الفضائح والقضايا الجنائية التي تلاحقه خلال العامين الماضيين وتوجيه أربع قوائم اتهامات تصل بمجملها إلى 91 تهمة جنائية.
حتى الرئيس السابق باراك أوباما الذي كان بايدن نائبه لثمانية أعوام (2009 ـ 2017) ـ صدم اللوبي الأمريكي ـ الإسرائيلي (إيباك) وبايدن وإدارته وقيادات الاحتلال الإسرائيلي بمطالبته بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتوفير أمن حقيقي وحق إسرائيل بالوجود وسلام يرتكز على إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني» تطبيقاً لرؤية الإدارات الأمريكية بما فيها إدارته وإدارة بايدن «حل الدولتين»!
(والتي يعمل نتنياهو بكل ما أوتي من قوة وقرارات متطرفة مع الحكومة الأكثر تطرفاً وفاشية التي يرأسها منذ مطلع العام لتدمير أي فرصة لتحقيقها وبعلم وغضب بايدن) وأكد أوباما «علينا الاعتراف والتعامل مع البعد الأخلاقي لنا جميعاً-وذلك بسبب عقود من الفشل في تحقيق سلام دائم للإسرائيليين والفلسطينيين»!
والسؤال كيف ينعكس هذا الموقف المتقدم للرئيس أوباما على بايدن وإدارته؟ وأين كانت روح تسامحه وعقلانيته عندما كان رئيساً عن تلك المبادرة الواقعية؟
وما هو موقف نائبه الرئيس بايدن من موقف أوباما، وتمسكه بنتنياهو ورفضه وقف إطلاق النار ووقف مسلسل المجازر وحرب الإبادة ـ ويقدم مقترحات بالية لهدن إنسانية! برغم الكلفة الكبيرة التي يتكبدها لوقوفه ودعمه وإدارته لما ترتكبه إسرائيل من جرائم حرب في غزة.
كما تحول الموقف الأمريكي الموالي والمبرر لجرائم قوات الاحتلال لمادة فرضت نفسها على مرشحي الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية في المناظرة الثالثة يوم الخميس الماضي ـ حيث تنافسوا بالتملق لإسرائيل والمطالبة بالقضاء على حماس وتقديم كل الدعم المطلوب لإسرائيل، في انقسام واضح داخل النظام السياسي في واشنطن.
مواقف إدارة بايدن تتسم بالانقسام والتزلف للصهاينة وخاصة من حليفهم وشريكهم بايدن والحلفاء في الغرب، بتجاهل الواقع المؤلم وجرائم الحرب، وكأنهم لا يعلمون أنهم يزرعون بذورا لقيام جيل جديد من الفصائل الفلسطينية أكثر تصميماً وتشدداً من حماس لمواجهة جرائم وحرب إبادة الاحتلال وحلفائها، وخاصة الولايات المتحدة-مع كل شهيد ومصاب ومهجّر! ثم يتساءل الأمريكيون بسذاجة لدرجة البلاهة لماذا يكرهنا العرب والمسلمون؟!
*د. عبد الله خليفة الشايجي أستاذ العلوم السياسيةبجامعة الكويت