إستراتيجية إسرائيل الفاشلة جعلت الحركة أقوى.. حماس تنتصر
"تسعة أشهر من العمليات الجوية والبرية الإسرائيلية في غزة لم تَهزم (حركة المقاومة الإسلامية) حماس، بل لم تقترب حتى من هزيمتها".. هكذا يقيّم مقال نشرته مجلة "فورين أفيرز" الأميركية الوضع الحالي في القطاع المحاصر.
Table of Contents (Show / Hide)
ففي مقال له نشرته المجلة، أكد عالم السياسة الأميركي، الأستاذ بجامعة "شيكاغو"، روبرت بيب، أننا إذا ما نظرنا إلى المقاييس الأكثر أهمية، فسنجد أن "حماس اليوم أقوى مما كانت عليه في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023".
وقال الكاتب: "منذ هجوم حماس في أكتوبر (المعروف باسم عملية طوفان الأقصى)، غزت إسرائيل شمال وجنوب قطاع غزة بحوالي 40 ألف جندي، وهجّرت 80 بالمئة من السكان قسرا، وقتلت أكثر من 37 ألف شخص، وأسقطت ما لا يقل عن 70 ألف طن من القنابل على القطاع".
هذه الكمية "تتجاوز الوزن الإجمالي للقنابل التي أسقطت على لندن ودريسدن وهامبورغ خلال الحرب العالمية الثانية بأكملها"، وفق الكاتب.
علاوة على ذلك، "دمرت إسرائيل أو ألحقت أضرارا بأكثر من نصف المباني في غزة، وحدّت من وصول المياه والغذاء والكهرباء إلى القطاع، مما جعل جميع السكان على حافة المجاعة".
ورغم أن العديد من المراقبين سلطوا الضوء على عدم أخلاقية سلوك إسرائيل، فإن القادة الإسرائيليين ظلوا يزعمون باستمرار أن هدف هزيمة حماس وإضعاف قدرتها على شن هجمات جديدة لا بد أن يكون له الأسبقية على أي مخاوف تتعلق بحياة الفلسطينيين.
ورأى القادة الإسرائيليون أنه "يجب على الجميع أن يقبلوا معاقبة سكان غزة باعتبارها ضرورة لتدمير قوة حماس".
لكن يستدرك الأكاديمي الأميركي بأن "قوة حماس مستمرة فعليا في النمو بفضل الهجوم الإسرائيلي".
وشبّه تعامل "إسرائيل" مع حركة حماس بتعامل الولايات المتحدة مع الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام، المعروفة بـ"فيت كونغ"، خلال عمليات "البحث والتدمير" الضخمة التي اجتاحت معظم أنحاء تلك المنطقة في عامي 1966 و1967.
ففي محاولة محكوم عليها بالفشل، أرسلت الولايات المتحدة قواتها إلى فيتنام لتحويل الحرب لصالحها، غير أن هذا أدى لتعاظم قوة "فيت كونغ".
مغالطة خسائر حماس
وبالمثل، "ما زالت حماس مستعصية على الترويض، كما أنها تتحول إلى قوة لحرب عصابات شرسة وفتاكة"، بحسب وصف الكاتب الأميركي.
وفي هذا السياق، نوه إلى أن إسرائيل استأنفت عملياتها الدامية في المناطق الشمالية لقطاع غزة، التي يفترض أنها طهرتها قبل أشهر معدودة.
ويشدد على أن "الخلل الرئيس في إستراتيجية إسرائيل ليس فشل التكتيكات أو وجود قيود على استخدامها للقوة العسكرية".
"تماما كما لم يكن لفشل إستراتيجية الولايات المتحدة في فيتنام علاقة تذكر بالكفاءة الفنية لقواتها أو القيود السياسية والأخلاقية على استخدامها القوة العسكرية".
وأرجع الأكاديمي ما وصفه بـ"الفشل الإسرائيلي الذريع" إلى "سوء الفهم الفادح لمصادر قوة حماس".
سوء الفهم هذا “ألحق ضررا كبيرا بإسرائيل؛ لأنها فشلت في إدراك أن المذابح والدمار الذي ألحقته بغزة لم يؤد إلا إلى تعاظم قوة عدوها”.
وقال الكاتب: "لعدة أشهر، ركز كل من الحكومات والمحللين اهتمامهم على عدد مقاتلي حماس الذين قتلهم الجيش الإسرائيلي، كما لو أن هذه الإحصائية هي المقياس الأكثر أهمية لنجاح الحرب الإسرائيلية ضد الحركة".
وأضاف: “من المؤكد أن الكثير من مقاتلي حماس -الذين كان يقدر عددهم بنحو 30 إلى 40 ألفا قبل الحرب- قد قُتلوا”.
وتقول إسرائيل إنها قتلت 14 ألفا منهم، بينما تصر حماس على أنها فقدت ما بين 6 إلى 8 آلاف مقاتل فقط، وفق زعم الكاتب.
وتشير مصادر استخباراتية أميركية إلى أن العدد الحقيقي لقتلى حماس يبلغ نحو 10 آلاف.
وعلى عكس كل ذلك، لم تعلن حماس رسميا عن أي إحصائية بشأن عدد الشهداء من مقاتليها.
واستدرك الكاتب: "مع ذلك، فإن التركيز على هذه الأرقام يجعل من الصعب إجراء تقييم واقعي لقوة حماس".
وأوضح أن "على الرغم من خسائرها، لا تزال حماس تسيطر بحكم الأمر الواقع على مساحات واسعة من غزة، بما في ذلك المناطق التي يتركز فيها المدنيون حاليا في القطاع".
وأردف أن "الحركة لا تزال تتمتع بدعم هائل بين سكان غزة، مما يسمح للمسلحين بأخذ ما يحتاجونه من الإمدادات، والعودة بسهولة إلى المناطق التي طهرتها القوات الإسرائيلية سابقا".
ووفقا لتقييم إسرائيلي نُشر أخيرا، فإن المناطق الشمالية من غزة -التي استولى عليها الجيش الإسرائيلي في الخريف بعد خسارته لمئات الجنود- أصبح بها عدد أكبر من مقاتلي حماس، مقارنة بما لدى الحركة في رفح جنوبي القطاع.
وأشار المقال إلى أن "حماس تخوض الآن حرب عصابات، تنطوي على نصب كمائن واستخدام قنابل بدائية الصنع (غالبا ما تكون مصنوعة من ذخائر إسرائيلية لم تتفجر أو من أسلحة الجيش)".
حرب العصابات هذه "طويلة الأمد"، وقد تستمر حتى نهاية عام 2024 على الأقل، حسبما أفاد تساحي هنغبي مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
وبحسب تقييم الكاتب، فإن حماس لا يزال بإمكانها ضرب إسرائيل، كما فعلت في 7 أكتوبر.
فمن المرجح أن لدى حماس نحو 15 ألف مقاتل جاهز للقتال، أي ما يقرب من عشرة أضعاف عدد المقاتلين الذين نفذوا هجمات 7 أكتوبر.
"علاوة على ذلك، لا يزال أكثر من 80 بالمئة من شبكة الأنفاق تحت الأرض صالحة للاستخدام في التخطيط وتخزين الأسلحة والتهرب من المراقبة والهجمات الإسرائيلية".
أضف إلى ذلك أن "معظم القيادات العليا لحماس في غزة لا تزال كما هي"، وفق الكاتب.
وقال: "باختصار، الهجوم الذي شنته إسرائيل على عجل في الخريف، أفسح المجال لحرب استنزاف طاحنة".
لكن هذه الحرب "لن تسلب حماس قدرتها على مهاجمة إسرائيل، حتى لو واصل الجيش حملته في جنوب غزة".
وأضاف الكاتب أن "عمليات مكافحة التمرد التي فشلت في الماضي، غالبا ما كانت تركز على أعداد القتلى لدى الأعداء".
وبالمثل، فإن الجيش الإسرائيلي يكرر اللعبة المألوفة: "اضرب الهدف" (Whack-a-Mole)، وهي اللعبة التي أعاقت القوات الأميركية في أفغانستان لسنوات.
وأوضح أن "التركيز الشديد على عدد الضحايا يؤدي إلى الخلط بين النجاح التكتيكي والإستراتيجي، ويتجاهل المؤشرات الأساسية التي قد تكشف عن نمو القوة الإستراتيجية للخصم على الرغم من تزايد خسائره الآنية".
وشدد على أن "المصدر الرئيس لقوة حركات التمرد ليس حجم الجيل الحالي من المقاتلين، بل قدرتها على كسب مؤيدين من مجتمعها المحلي في المستقبل".
مصادر القوة
وقال إن "قوة جماعة مسلحة مثل حماس لا تتأتى من العوامل المادية النموذجية التي يستخدمها المحللون للحكم على قوة الدول، بما في ذلك حجم اقتصادها، والتطور التكنولوجي لجيوشها، ومدى الدعم الخارجي الذي تتمتع به، وقوة أنظمتها التعليمية".
وبدلا من ذلك، فإن المصدر الأكثر أهمية لقوة حماس وغيرها من الجهات المسلحة غير الحكومية -وفق الكاتب- هو القدرة على التجنيد.
"وخاصة قدرتها على جذب أجيال جديدة من المقاتلين والناشطين الذين ينفذون حملاتها العسكرية الفتاكة، والذين غالبا ما يموتون في سبيل قضيتهم".
هذه القدرة على التجنيد متجذرة في عامل واحد وهو حجم وشدة الدعم الذي تستمده الحركة من مجتمعها.
وقال الكاتب: "إن دعم المجتمع يسمح للجماعة المتمردة بتجديد صفوفها، واكتساب الموارد، وتجنب الكشف عنها، أي أنه بشكل عام يمكّنها من الحصول على مزيد من الموارد البشرية والمادية اللازمة لتعبئة ومواصلة حملاتها".
واستعرض أيضا تبني المجتمع لمفهوم "الشهادة" بافتراض أن ذلك يساعد على تجنيد أعضاء جدد لصالح الحركات المتمردة.
وأوضح أنه "من غير المرجح أن يتطوع الناس لتنفيذ مهام شديدة الخطورة إذا لم يبالِ أحد بتضحياتهم".
وأكد الكاتب أن المجتمع الذي يفتخر بأولئك الذين يقتلون في مثل هذه المهام، يساعد في صمود وبقاء تلك الحركات المتمردة، وفق وصفه.
ويرى أنه "لتقييم القوة الحقيقية لحماس، يجب على المحللين النظر في الأبعاد المختلفة لدعمها بين الفلسطينيين".
ويشمل ذلك شعبيتها مقارنة بمنافسيها السياسيين، وكيف يرى الفلسطينيون العنف الذي تمارسه ضد الإسرائيليين، وعدد الفلسطينيين الذين فقدوا أفرادا من عائلاتهم في العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة.
وبحسب الكاتب، فإن هذه العوامل، هي التي توفر الأداة المثلى لقياس قدرة حماس على شن حملة طويلة الأمد في المستقبل.
وأشار إلى أن استطلاعات الرأي العام الفلسطيني يمكن أن تساعد في تقييم مدى الدعم المجتمعي لحماس.
ولمراعاة التحديات التي تعترض إجراء مسح سكاني في غزة منذ 7 أكتوبر، أجرى “المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية” مقابلات مع نازحين في أماكن سُكناهم المؤقتة.
وتقريبا ضاعف المركز العدد المعتاد للمشاركين في الاستطلاعات؛ نظرا لعدم التيقن من نسب التوزيع السكاني التي تتغير باستمرار جراء الحرب.
وأجرى المركز خمسة استطلاعات، من يونيو/حزيران 2023 إلى نفس الشهر من عام 2024، جميعها قدمت نتائج مذهلة، بحسب وصف "بيب".
ففي جميع المقاييس تقريبا، تتمتع حماس اليوم بدعم أكبر بين الفلسطينيين مما كانت عليه قبل 7 أكتوبر. وقال الكاتب: "لقد تزايد الدعم السياسي للحركة، خاصة بالمقارنة مع منافسيها".
فعلى الرغم من أن حماس ومنافستها الرئيسة حركة التحرير الوطني "فتح" تمتعتا بمستويات دعم متكافئة تقريبا في يونيو 2023، إلا أن بحلول نفس الشهر من عام 2024، تضاعف عدد الفلسطينيين الذين يدعمون حماس (40 بالمئة مقابل بـ 20 بالمئة لفتح).
وتابع أن "القصف الإسرائيلي والغزو البري لغزة لم يؤدّ إلى انخفاض التأييد الفلسطيني للهجمات ضد إسرائيل، ولا إلى تراجع ملحوظ في تأييد هجوم 7 أكتوبر نفسه".
وفي مارس/آذار 2024، أوضح أحد الاستطلاعات أن 73 بالمئة من الفلسطينيين يرون أن حماس كانت محقّة في شنها لهجوم 7 أكتوبر.
وأكد الأكاديمي أن "هذه الأرقام مرتفعة للغاية"، خاصة وأن نسبة أقل من الفلسطينيين أيدوا الهجمات المسلحة على الإسرائيليين في سبتمبر/أيلول 2023، بنسبة بلغت 53 بالمئة.
وقال إن "حماس تعيش الآن لحظة شعبية من "الالتفاف حول الراية"، مما يساعدنا في فهم عزوف سكان غزة عن تقديم مزيد من المعلومات الاستخبارية للقوات الإسرائيلية حول أماكن وجود قادة الحركة والمحتجزين الإسرائيليين".
وتابع: "يبدو أن دعم الهجمات المسلحة ضد الإسرائيليين قد ارتفع خاصة بين الفلسطينيين في الضفة الغربية، بأرقام باتت مساوية لنسب دعمها في غزة".
وهذا يدلل -بحسب الكاتب- على أن حماس حققت مكاسب واسعة النطاق في المجتمع الفلسطيني منذ 7 أكتوبر.
وتُظهر الاستطلاعات أيضا كيف أثرت الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين، فبدءا من مارس/آذار 2024، ارتفع -بشكل ملحوظ- ثمن الحرب الذي يتكبده الفلسطينيون.
إذ أفاد 60 بالمئة من الفلسطينيين في غزة بمقتل أحد أفراد أسرهم في الحرب الحالية، في حين أخبر أكثر من ثلاثة أرباعهم عن مقتل أو إصابة أحد أفراد الأسرة، وكلا النسبتين أعلى بكثير مما كان عليه الحال في ديسمبر/كانون الأول 2023.
"ورغم ذلك، فإن هذا العقاب ليس له تأثير رادع كبير بين الفلسطينيين، حيث فشل في الحد من دعمهم للهجمات المسلحة ضد الإسرائيليين ولحركة حماس".
وقال الكاتب: "قبل 7 أكتوبر، وصلت حماس إلى مرحلة الثبات كقوة سياسية، بل وكانت في تراجع".
وأردف أن "الحركة كان تخشى أن تُهمَّش قضيتها -وأن تُنسى محنة الفلسطينيين بشكل عام- عبر اتفاقيات أبراهام، التي سعت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية".
لكن "بعد 7 أكتوبر، ارتفع الدعم الفلسطيني لحماس، على حساب أمن إسرائيل"، بحسب زعم الكاتب.
وقال: "نعم، لقد قتلت إسرائيل عدة آلاف من مقاتلي حماس في غزة، لكن هذه الخسائر في الجيل الحالي من المقاتلين تعوّض فعليا من خلال ارتفاع الدعم الشعبي للحركة، وما يترتب على ذلك من قدرتها على تجنيد أفضل للجيل القادم".
"وفي غضون ذلك، وإلى أن يصل هؤلاء المجندون الجدد، تشير كل الدلائل إلى أن مقاتلي حماس الحاليين من المرجح أن يكونوا أكثر تلهفا من أي وقت مضى لشن حرب عصابات طويلة ضد أي أهداف إسرائيلية يمكنهم ضربها"، بحسب الكاتب.
الحقيقة الصارخة
وشدد الكاتب على أن "العقاب الجماعي الهائل الذي ألحقته إسرائيل بغزة سيزيد عداء الكثير من الفلسطينيين للدولة اليهودية بكل تأكيد".
وأشار إلى أن "الحملة الدعائية المتطورة، التي تشنها حماس، تبني تفسيرا إيجابيا للأحداث وتنسج روايات تساعد الحركة على كسب المزيد من المؤيدين".
وفي إعادة صياغة لما قاله المحلل النفسي الأميركي، إدوارد بيرنيز، فإن الدعاية لا تنجح من خلال خلق وغرس الخوف والغضب، بقدر ما تنجح عبر إعادة توجيه هذه المشاعر نحو أهداف ملموسة.
وعلى هذا، نوه الكاتب إلى أن الجهود الإعلامية لحماس تشكل مثالا رئيسا على هذا التكتيك.
وقال: "منذ بدء الحرب، نشرت الحركة كمية هائلة من المواد، معظمها عبر الإنترنت، في محاولة لحشد الشعب الفلسطيني حول قيادتها، وهدفها المتمثل في تحقيق النصر على إسرائيل".
وأشار الكاتب إلى أن فريق تحليل الدعاية العربية في "مشروع جامعة شيكاغو للأمن والتهديدات" فحص الدعاية التي تنتجها حماس وجناحها العسكري "كتائب القسام"، والتي نشرتها قناة تلغرام الرسمية للكتائب في أعقاب 7 أكتوبر.
ويتكون الفريق من مجموعة من اللغويين العرب المتخصصين في جمع وتحليل الدعاية المسلحة باللغة العربية.
وتنشر قناة تلغرام هذه -التي تضم أكثر من 500 ألف مشترك- رسائل وصورا ومقاطع فيديو وغيرها من الدعاية كل يوم تقريبا منذ هجمات 7 أكتوبر.
بدوره، حلل قائد فريق البحث، محمد الجوهري، أكثر من 500 وحدة من الدعاية في الفترة من 7 أكتوبر 2023 إلى 27 مايو/أيار 2024.
ونوه الكاتب إلى أنه من غير المعروف عدد الفلسطينيين الذين يشاهدون هذه المواد، لكن غزة والضفة الغربية لديهما إمكانية الوصول إلى الإنترنت يوميا، وإن كان بشكل متقطع.
وأوضح أن "المحتوى الرقمي لحماس يعكس جهودها الدعائية القياسية الموجهة لشبكات مجتمعها المحلي".
وأضاف أن "دعاية حماس منذ 7 أكتوبر تتوافق كليا مع النتائج التي توصلت إليها استطلاعات الرأي العام لتوجهات الفلسطينيين".
ويشير التوافق الوثيق بين جوهر دعاية حماس والدعم المتزايد لها بشكل خاص، وللنضال المسلح ضد إسرائيل بشكل عام، إلى أن الحركة تحفز هذا الدعم، أو أن دعايتها تعكس الأسباب الرئيسة لهذا الدعم.
"وفي كلتا الحالتين، استفادت حماس من حرب إسرائيل عليها، إذ أصبحت أقوى من خلال روابطها المتزايدة مع مجتمعها"، وفق الكاتب.
وقال الكاتب: "بعد تسعة أشهر من الحرب الشاقة، حان الوقت للاعتراف بالحقيقة الصارخة، وهي أن الحل العسكري وحده لا يكفي لهزيمة حماس".
"فحماس أكبر من مجرد مجموع عدد مقاتليها الحاليين، كما أنها أكبر من مجرد فكرة ملهمة؛ بل هي حركة سياسية واجتماعية جوهرها العنف (المقاومة)، ولن تختفي في أي وقت قريب"، بحسب المقال.
وأردف أن "الإستراتيجية الإسرائيلية الحالية، المتمثلة في العمليات العسكرية المكثفة، قد تؤدي إلى قتل بعض مقاتلي حماس، لكنها لا تؤدي إلا إلى تعزيز الروابط بين الحركة والمجتمع المحلي".
وتابع: "طيلة تسعة أشهر، واصلت إسرائيل تنفيذ عمليات عسكرية في غزة بلا قيود تقريبا، لكنها لم تحقق إلا قدرا ضئيلا من التقدم الواضح نحو تحقيق أي من أهدافها".
وأكد على أن "حماس ليست مهزومة ولا على وشك الهزيمة، وأن قضيتها أكثر شعبية وجاذبية مما كانت عليه قبل 7 أكتوبر".
وشدد على أنه "في غياب خطة لمستقبل غزة والشعب الفلسطيني، تحظى بقبول الفلسطينيين، فإن المقاتلين سيعودون (لتكرار 7 أكتوبر) وبأعداد أكبر".
واستدرك: "لكن استعداد القادة الإسرائيليين لتبني مثل هذه الخطة السياسية الواقعية، بات أقل مما كان عليه قبل 7 أكتوبر".
وختم بالإشارة إلى أنه "لا توجد نهاية في الأفق للمأساة في غزة، فالحرب ستستمر، والمزيد من الفلسطينيين سيُقتلون، والتهديدات التي تتعرض لها إسرائيل ستتفاقم".
المصدر: القدس العربي