كيف تكبد الاقتصاد الإسرائيلي تكاليف العدوان على غزة.. أرقام فلكية
يدور الحديث في الأوساط الاقتصادية عن التكاليف الضخمة المتوقعة التي يتكبدها الاحتلال الإسرائيلي جراء عدوانه على غزة، والصعوبات الاقتصادية التي تواجه الموازنة.
Table of Contents (Show / Hide)
وأكد موقع "كالكاليست" العبري أن الهجوم المفاجئ في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 أدى إلى دخول إسرائيل في دوامة أمنية واقتصادية غير مسبوقة.
تكاليف فلكية
ويرى موقع "كالكاليست" أنه في الوقت الحالي، مازال من السابق لأوانه تحديد التكاليف الاقتصادية الكاملة لعملية "طوفان الأقصى"، لعدم وضوح كيف ومتى سينتهي القتال.
ولكن رغم حالة الغموض الكبيرة، بدأت الهيئات الاقتصادية الحكومية بالفعل في نشر تقديرات بشأن التكلفة المحتملة للحرب.
ففي وقت سابق، مع الإعلان عن ترك سعر الفائدة دون تغيير، نشر بنك إسرائيل توقعات تشير إلى أن "نفقات الحكومة بعد الحرب ستصل إلى حوالي 163 مليار شيكل (1 شيكل يساوي نحو 0.27 دولار)".
وأضاف أن "تكاليف ميزانية الحرب من المتوقع أن تصل إلى 198 مليار شيكل".
من ناحية أخرى، أوضح الموقع أن "تقديرات وزارة المالية تشبه تقديرات بنك إسرائيل، حيث تفيد بأن تكاليف ميزانية الحرب ستصل إلى نحو 200 مليار شيكل في تقديرات متفائلة".
ولفت الموقع إلى أن الجزء الأكثر أهمية في هذه التقديرات والسيناريوهات هو أنها مبنية على "عدم فتح جبهة قتال أخرى في الشمال ضد حزب الله".
وبالتدقيق أكثر في تلك التقديرات، وصف الموقع العبري الـ200 مليار شيكل بأنه "مبلغ فلكي"، حيث يعادل ثلث الإنفاق الحكومي لعام 2023.
كما أنه يفوق الناتج المحلي الإجمالي لدول مثل لبنان (85.8 مليار شيكل)، والأردن (176 مليار شيكل) ولاتفيا (152 مليار شيكل).
ومقارنة أخرى أجراها الموقع تفيد بأن "المبلغ المخصص للحرب من شأنه أن يغطي تكاليف مشروع مترو الأنفاق، والذي من المخطط أن يكون المشروع الأغلى في تاريخ إسرائيل بكلفة 150 مليار شيكل، أي 100 مليون دولار".
إضافة إلى "مشروع السكة الحديد إلى إيلات، والذي تُقدر تكلفته بنحو 40 مليار شيكل".
وبناء على هذه التقديرات، قال الموقع إن "الإنفاق الضخم سيؤثر بالطبع على الاقتصاد المحلي، ومن المرجح أن تعاني موازنة 2024 من تخفيضات كبيرة لتمويل الحرب".
إضافة إلى الديون الكبيرة التي تحصلها قوات النظام في نفس الوقت.
دوامة عميقة
ونقلا عن بنك إسرائيل، توقع الموقع العبري أن تؤدي النفقات إلى زيادة نسبة الدين في الناتج الإسرائيلي إلى 66 بالمئة بدلا من 60 بالمئة، أي حدوث قفزة بنسبة 10 بالمئة في الدين الحكومي الذي يبلغ نحو 170 مليار شيكل.
ونوه الموقع إلى أن "وقوع الاقتصاد الإسرائيلي في دوامة عميقة سيؤدي بالضرورة أيضا إلى زيادة الضرائب لتمويل تكاليف الحرب".
من ناحية أخرى، سلط الموقع الضوء على التكاليف الأمنية المباشرة، والتي تُعد هي الأكثر أهمية فيما يتعلق بتكاليف الحرب.
وقدرت وزارة المالية التكاليف الأمنية المباشرة بمبلغ 110 مليارات شيكل لمرة واحدة.
ويرى مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن "هذا التقدير متحفظ، وأن التكاليف ستكون أعلى بكثير".
وبحسب الموقع، في الوقت الحالي، وافقت الحكومة بالفعل على ميزانية تبلغ حوالي 17 مليار شيكل كجزء من تحديث ميزانية 2023 لصالح التكاليف المباشرة للحرب.
إلى جانب التفاقم المتوقع لعجز الميزانية الإسرائيلية، يعتقد "كالكاليست" أنه من المفترض أن يمول الأميركيون جزءا كبيرا من التكلفة المالية المباشرة للحرب.
وبهذا الشأن، يوضح الموقع أنه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، طلب الرئيس الأميركي جو بايدن من الكونغرس الموافقة على حزمة مساعدات بقيمة 14.3 مليار دولار لإسرائيل.
وأشار إلى أن هذا المبلغ هو جزء من حزمة مساعدات أمنية ضخمة بقيمة 105 مليارات دولار مخصصة لدول أخرى مثل أوكرانيا وتايوان وللمساعدات الإنسانية.
ولكن في الوقت الحالي، تتأخر المساعدات الأميركية بسبب كون المساعدات لأوكرانيا قضية مثيرة للجدل بين بعض المشرعين الأميركيين.
ولفت الموقع إلى أن حزمة المساعدات تلك ستكون هي الأعلى لإسرائيل منذ حرب 2008، حيث قدم الأميركيون حينها حزمة مساعدات تُقدر اليوم بنحو 14.7 مليار دولار.
وعلى غرار حزم المساعدات الأمنية الأخرى التي منحها الأميركيون في الماضي، ستُلزم إسرائيل باستخدام كامل المبلغ لشراء وتجهيز المنتجات الأميركية، وذلك لتعزيز الصناعة المحلية في الولايات المتحدة، وفق الموقع العبري.
جنود الاحتياط
وأظهر الموقع العبري حقيقة أن "الجيش الإسرائيلي والخزانة ووزارة الدفاع ليسوا على استعداد للحديث عن تكاليف الحرب أثناء القتال".
وعزا ذلك جزئيا لأسباب تتعلق بأمن المعلومات، موضحا أن بعض المعلومات حول هذا الموضوع تُنشر من قبل جهات خارجية أو مبنية على بيانات سابقة.
وأشار الموقع كذلك إلى أن تكلفة الدفاع المباشرة الأكثر "مدنية" هي بالطبع ثمن تجنيد عدد كبير من جنود الاحتياط.
ومع اندلاع الحرب، جندت إسرائيل أكبر عدد احتياطي في تاريخها، حيث جُند ما يقرب من 350 ألف جندي احتياطي.
ويمثل هذا العدد حوالي 8 بالمئة من إجمالي القوى العاملة في الاقتصاد، بحسب الموقع العبري.
وبشأن هذا الأمر، نقل "كالكاليست" عن بنك إسرائيل وثيقة قدرت أن "التكلفة المباشرة لتجنيد الاحتياط تبلغ نحو نصف مليار شيكل أسبوعيا".
وتشير تقديرات هيئات أخرى، بما في ذلك وزارة الخزانة، إلى ارتفاع التكاليف بنحو 4 مليارات شيكل شهريا.
أما التكاليف العسكرية المباشرة الأخرى، مثل الذخيرة والصواريخ الاعتراضية والوقود، فهي أكثر تعقيدا ويصعب تقديرها دون أرقام حقيقية.
وفي حوار له مع "كالكاليست"، شرح ساشون حداد، المستشار المالي لرئيس الأركان بين عامي 2014 و2017، حساب التكلفة الاقتصادية للحرب قائلا: "عند الحديث عن النفقات المباشرة للحرب، هناك ما ينفقه الجيش الآن، وهناك ما سينفقه الجيش في المستقبل لسنوات عديدة".
وبحسب ما نشره الموقع، يقسم حداد النفقات العسكرية المباشرة إلى ثلاثة مكونات كبيرة، نفقات القوات الجوية ونفقات القوات البرية وتكلفة خدمة الاحتياط.
ولفت إلى وجود العديد من العناصر الصغيرة الإضافية مثل النفقات اللوجستية والاتصالات وغيرها.
وأشار الموقع إلى أن السؤال الرئيس الذي يظل مفتوحا هو "كيف ستؤثر الحرب على ميزانية الدفاع والهيكل التنظيمي للجيش الإسرائيلي على المدى الطويل؟".
المصدر: الاستقلال