الاتفاق الإيراني السعودي انتصار لطهران على حساب الرياض
اعتبر تحليل نشرته وكالة "بلومبرج" الأمريكية، إن إيران أبرز الفائزين من الاتفاق الأخير الذي تم إبرامه مع السعودية، بوساطة صينية، مشيرا إلى أن "إذلال السعودية جائزة إيران الكبرى من الاتفاق".
Table of Contents (Show / Hide)
ويقول التحليل، الذي كتبه بوبي جوش، وترجمه "الخليج الجديد"، إن الاتفاق السعودي الإيراني، والذي تم توقيعه في العاصمة الصينية بكين، يعد نصرا مكتمل الأركان لصناع القرار في طهران، على حساب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لكن ليس لدرجة تصوير طهران للاتفاق على أنه هزيمة للولايات المتحدة ونهاية للجهود الإسرائيلية لإدخال السعودية إلى حظيرة التطبيع، فلا واشنطن انسحبت من المنطقة أو خففت قبضتها على طهران، ولا الرياض تخلت بالكامل عن "اتفاقيات أبراهام".
بدورهم، يجادل السعوديون بأن بن سلمان، أظهر الحكمة والحنكة السياسية في الاتفاق مع إيران، حيث ستسمح له الصفقة بالتركيز على أجندته الاقتصادية الطموحة للمملكة، وتخليص نفسه من حربه الفاشلة في اليمن، علاوة على أنها رسالة قاسية للحليف الأمريكي.
كل ما سبق يعتبره كاتب التحليل "نظريات ساذجة"، لكن أبرز ما هو حقيقي، برأيه، هو أن إيران حققت الفوز الأكبر.
الصين
ويتطرق الكاتب إلى مسألة إشراف الصين على الاتفاق، قائلا إنه يمثل خروجًا عن إحجامها الطويل عن التورط في احتكاكات أجنبية.
ويضيف: "قدّمت الصين مساهمة قليلة في المفاوضات، ولكن من خلال وضع موافقتها على الاتفاق، تتحمل بكين المسؤولية الجسيمة المتمثلة في منع الموقعين من السعي وراء عرقلة مصالح بعضهما".
ويقول الكاتب إن "إيران وحدَها تمتلك حقوق المفاخرة الحقيقية، كونها الرابح الأبرز من الاتفاق، فعودة علاقاتها مع السعودية هو نجاح نادر في السياسة الخارجية لنظام يسعى للخروج من العزلة الدولية، وسيشعر صناع القرار في طهران بأنّ سياسة الترهيب التي انتهجوها منذ عقود ضد منافسهم الرئيسي في الشرق الأوسط، قد آتت أكلها أخيراً".
ويخلص إلى أن السعوديين استسلموا لحملة متواصلة من المضايقات من قبل وكلاء إيران، وأبرزهم ميليشيا الحوثي في اليمن، وتهديدات طهران نفسها، لاسيما من برنامجها النووي.
"تركيع" السعودية
ويمضي بالقول: "بعد أن تمكنت إيران من تركيع السعودية بهذه الوسائل، من غير المرجّح أن تخفف قبضتها على صناع القرار في الرياض من الآن فصاعدا".
ويتابع: "صحيح أن طهران قد وعدت بتعليق إمداداتها من الأسلحة إلى الحوثيين، لكنّها لا تهتمّ كثيرًا بالسماح للرياض بالراحة حيال التهديدات القادمة من الجنوب".
ويتوقع جوش أن تشجع إيران الحوثيين على إجراء أي مفاوضات ستفضي لاحقاً نحو الانسحاب السعودي من اليمن، والتمسك بشروط ستزيد من وطأة الإذلال للأمير بن سلمان.
كما لا ينبغي للسعوديين، بحسب التحليل، أن يتوقعوا أيّ تخفيف للتهديد من الشمال، فالميليشيات التي تعمل بالوكالة لإيران في العراق، بعد أن أطلقت بالفعل صواريخ وطائرات بدون طيار في عمق المملكة، ستبقى مسلحة وخطيرة وجاهزة للتفعيل متى كان ذلك يناسب طهران.
وتعرف الرياض أن الأمر سيستغرق كثيرا لإرضاء الإيرانيين في الحفاظ على السلام، ومن ثم، جاءت تصريحات وزير المالية السعودي محمد الجدعان وحديثه عن آفاق الاستثمارات السعودية في إيران، حتى أنّ ذلك قد يحدث "بسرعة كبيرة"، على حدّ تعبيره.
لكن شعوره بأنه مضطر لتقديم وعود لا يستطيع الوفاء بها "هو أمر ينم عن اليأس"، فقلة من المستثمرين السعوديين هم من سيجرؤون على مواجهة تحديات العقوبات الأمريكية في حال استثمروا بإيران، وفق الكاتب.
وعلى الجبهة الدبلوماسية يبدو أن السعودية ليس لديها أيضا الكثير لتقديمه إلى إيران، فقيادة المملكة لمجلس التعاون الخليجي ليست ذات فائدة تذكر لطهران، التي لديها بالفعل علاقات متطورة مع أعضاء المجلس الآخرين، بحسب التحليل.
ويضيف جوش: "للرياض أيضا نفوذ محدود في الأمم المتحدة والهيئات المتعددة الأطراف الأخرى، وعلاقاتها مع إدارة بايدن، حتى لو لم تكن متوترة، لن تخدم أي أغراض أو مواقف إيران".
ووفقا لما سبق، وفي ظلّ غياب المزيد من الفوائد الملموسة، سيتعيّن على إيران القبول بخضوع السعوديين.