رايتس ووتش تطالب مايكروسوفت بتعليق استثمار جديد لها بالسعودية.. "قد يسهل انتهاكات حقوقية"
منظمة "هيومن رايتس ووتش" طالبت شركة "مايكروسوفت" بتعليق استثمارها لإنشاء مركز جديد للبيانات السحابية في السعودية، إلى أن تُبيّن الشركة بوضوح كيف ستُخفف من خطر تسهيل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي قد تحدث باستخدام ذلك المركز.
Table of Contents (Show / Hide)
وفي فبراير/شباط الماضي، أعلنت "مايكروسوفت" عزمها الاستثمار في مركز للبيانات السحابية بالسعودية لتقديم خدمات الحوسبة السحابية للشركات.
وقالت المنظمة، في بيان، إن "مايكروسوفت" أعلنت عن الأمر، رغم علمها بسجل الحكومة المعروف في مجال اختراق منصات التكنولوجيا، والقمع المحلي المستمر.
لا حق في الخصوصية
وأضاف البيان أن قوانين مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية البيانات في السعودية تقوض بشدة الحق في الخصوصية، وتُمكّن الدولة من الرقابة غير المحدودة، وتسمح لوكالات الدولة السعودية بالوصول إلى البيانات بذريعة "أسباب أمنية" فضفاضة للغاية وغامضة، ما يثير مخاوف جدية بشأن قدرة "مايكروسوفت" على الوفاء بالتزاماتها الحقوقية في عملياتها في البلاد.
واستشهد أرفيند جانيسان، مدير العدالة الاقتصادية وحقوق الإنسان في "هيومن رايتس ووتش" بانتهاك السلطات السعودية حق مواطنيها في الخصوصية عبر قرصنة الهواتف واختراق شركات التكنولوجيا الكبرى، وإصدار قوانين تمنح سلطات مراقبة واسعة للجهات الحكومية.
وتابع: "ينبغي لمايكروسوفت ألا تغضّ الطرف عن انتهاكات السعودية، ويتعين عليها وقف استثمارها حتى تشرح الشركة بشكل واضح كيف ستخفف المخاطر المُحدقة بحقوق الإنسان".
واعتبر بيان المنظمة أن إنشاء مركز بيانات سحابية في السعودية يفرض مخاطر فريدة ومباشرة على حقوق الإنسان، لأن الحكومة قد تتمكن من الوصول إلى بيانات المستخدمين.
وقال إن الحكومة السعودية أظهرت بالفعل أنها تنتهك الحق في الخصوصية، وحرية التعبير، وتكوين الجمعيات، وعدم التمييز، والإجراءات القانونية الواجبة.
مبادئ السحابة الموثوقة
وكشفت "هيومن رايتس ووتش" إلى أنها كتبت إلى "مايكروسوفت" في فبراير/شباط لإثارة هذه المخاوف، وأن الشركة الأمريكية ردت على أسئلة المنظمة وأعربت عن التزامها بـ"مبادئ السحابة الموثوقة"، ونهجها في تشغيل مراكز البيانات في الدول أو المناطق التي توجد فيها تحديات في مجال حقوق الإنسان، لكنها طلبت عدم نشر ردها، وفقا للبيان.
وتلتزم "مايكروسوفت" علنا بضمان توافق القوانين والسياسات إلى حد كبير مع مبادئ السحابة الموثوقة في الدول التي تعمل فيها الشركة.
وتنص مبادئ السحابة الموثوقة، وهي مبادرة لشركات التكنولوجيا العالمية الكبرى تعبيرا عن التزامها بحماية حقوق المستخدمين، على أن موفري الخدمات السحابية "يدعمون القوانين التي تسمح للحكومات بطلب البيانات من خلال عملية شفافة تلتزم بسيادة القانون ومعايير حقوق الإنسان المعترف بها دوليا".
وقال البيان إن السجل الحقوقي المروّع للسلطات السعودية، بما يشمل اختراقها "تويتر" للتجسس على المعارضين، واستهداف النشطاء الحقوقيين والمعارضين السياسيين باستخدام تقنيات مراقبة رقمية متطورة، يُعرّض الشركات التي تلتزم بحماية حقوق خصوصية المستخدمين للمشاكل.
نظام العدالة السعودي
وأوضح أن الانتهاكات المنهجية في نظام العدالة السعودي، والافتقار إلى الإجراءات القانونية الواجبة، والقمع الشامل للمعارضين السياسيين والمجتمع المدني المستقل، تثير مجتمعة مخاوف خطيرة بشأن قدرة "مايكروسوفت" على الوفاء بالتزاماتها المعلنة في مجال حقوق الإنسان، أو قدرتها على الاعتراض بشكل فعال على الطلبات الإشكالية التي تقدمها الحكومة السعودية للحصول على البيانات في محاكم البلاد.
ولفتت المنظمة إلى أن نظام حماية البيانات الجديد في البلاد ولوائحه التنفيذية يمنح سلطات واسعة للهيئات الحكومية للوصول إلى البيانات الشخصية.
ويسمح للكيانات التي تتحكم في البيانات بالكشف عنها لأجهزة الدولة بناء على "أسباب أمنية" غامضة وفضفاضة وغير مُعرفّة في القانون، ولا يبدو أن القانون ينص على أي رقابة مستقلة على هذه السلطات الحكومية، بحسب البيان.
وذكرت المنظمة أن "نظام مكافحة جرائم المعلوماتية" في السعودية لعام 2007 يجرّم "إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده، أو إرساله، أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي".
وتابع البيان: "ويمكن أن تستخدم السلطات السعودية هذه المادة لإجبار مايكروسوفت على تسليم بيانات المستخدمين المتعلقة بأشخاص متهمين بمثل هذه التهم الفضفاضة والتعسفية وغير المحددة تحديدا جيدا".
وأكدت "هيومن رايتس ووتش" أن قوانين وممارسات السعودية بعيدة كل البعد عن الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان والمعايير المحددة في مبادئ السحابة الموثوقة الخاصة بشركة "مايكروسوفت"، حيث صعّد رئيس الوزراء وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية، القمع المحلي بشكل حاد، وأشرف على قمع شديد للمعارضة مع تدهور كبير في حقوق الإجراءات القانونية الواجبة في بلد يفتقر أصلا إلى سيادة القانون.
وفي 2017، وُضعت النيابة العامة والأجهزة الأمنية في البلاد تحت إشراف الديوان الملكي مباشرة، مما وضع الأدوات الأساسية للقمع في السعودية في يد الملك وولي العهد وحدهما.
وفي أغسطس/آب 2022، حكمت السلطات السعودية على طالبة الدكتوراه السعودية سلمى الشهاب بالسجن لعقود فقط بسبب نشاطها في "تويتر".
اختراق "تويتر"
ولفت بيان "هيومن رايتس ووتش" إلى قضية اختراق السعودية لـ"تويتر" ووصولها بشكل غير قانوني إلى معلومات شخصية لمواطنين سعوديين داخل تلك الشركة.
وفي 2019، اتُّهِم اثنان من موظفي "تويتر" بالتجسس لصالح السعودية، واتُهما بالوصول إلى معلومات خاصة لمعارضين سعوديين استخدموا المنصة لمناقشة قضايا الساعة.
مكّن ذلك السلطات السعودية من الكشف عن معلومات غير متوفرة في مكان آخر وكشف هويات المنتقدين الذين كانوا مجهولين.
وأشار البيان أيصا إلى تجسس السلطات السعودية على مواطنيها من خلال هجمات رقمية محددة الهدف، مستشهدة بما وجده معمل "سيتزن لاب"، وهو مركز بحوث أكاديمي كندي، بأن الهاتف الخلوي لناشط سعودي بارز مقيم في كندا اختُرِق ببرمجية تجسس في 2018، ما سمح بالوصول الكامل إلى الملفات الشخصية للضحية، مثل المحادثات ورسائل البريد الإلكتروني، والصور، بالإضافة إلى القدرة على استخدام ميكروفونات الهاتف والكاميرات خلسة للمراقبة والتنصت.
وفي يوليو/تموز 2021، وجد "مشروع بيجاسوس" أيضا أن السعودية كانت عميلا لبرنامج التجسس "بيجاسوس" التابع لمجموعة "إن إس أو" الإسرائيلية، وترددت تقارير عن استخدامه للتجسس على هاتف جمال خاشقجي المعارض الذي قُتل في قنصلية السعودية بتركيا في 2018.
ويختم بيان المنظمة بالقول: "إزاء هذا الواقع، يثير عزم مايكروسوفت في الاستثمار مخاوف جدية حول كيف ستتمكن من الوفاء بمسؤولياتها الحقوقية بموجب مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان لمنع أو تخفيف الآثار السلبية المحتملة على حقوق الإنسان المرتبطة بإنشاء مركز بيانات سحابية في السعودية، والتي أكد بيان الشركة الخاص بحقوق الإنسان على التزامها الكامل بتلك المبادئ".
ولفتت "هيومن رايتس ووتش" إلى أنها سبق أن حثت شركة "جوجل" على التراجع عن قرارها بإنشاء مركز بيانات سحابية في السعودية بسبب مخاطر الآثار السلبية الخطيرة على حقوق الإنسان.
المصدر: الخليج الجديد