إدانة الكنائس الأمريكية لعنصرية إسرائيل
تتصاعد الآن في الولايات المتحدة، أصوات تجمعات للكنائس المسيحية، بإدانة تصرفات حكومة نتنياهو، ووزرائها الموغلين في التطرف سياسياً وإنسانياً.
Table of Contents (Show / Hide)
هناك منظمات مهتمة بحقوق الإنسان المهدرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتجمعات يهودية يعلو صوتها متوافقاً مع استياء على مستوى إدارة الرئيس بايدن، وإن لم يصل إلى درجة الموقف الحاسم تجاه تلك القضية، وفي وقت قالت فيه وسائل إعلام أمريكية إن الكنائس الأمريكية الرئيسية أعلنت تأييدها لحقوق الفلسطينيين.
هنا – أتوقف تحديداً أمام «المجلس القومي للكنائس الأمريكية» وبيانه الذي وصف فيه ما تقوم به إسرائيل تجاه الفلسطينيين، بأنه تأريخ من الفصل العنصري، وضحايا الظلم لشعب تم تهميشه، وعدم التعامل معه بإنسانية.
وقال البيان: «لقد قمنا بزيارة لإسرائيل، والأراضي الفلسطينية المحتلة في القدس الشرقية، والضفة الغربية، وغزة، لنقف ضد العنصرية، وأيضاً ضد معاداة السامية، وضد الإسلاموفوبيا، وجئنا لنقف إلى جانب العدل والمساواة للجميع.. وقابلنا رجالاً ونساءً وأطفالاً، كانوا هم وعائلاتهم، ضحايا الاعتقال، والاستجواب، والاعتداء عليهم بالضرب، وبقنابل الغاز، وإرغامهم على الإدلاء باعترافات، وإلا فإن جزاءهم الموت، وقابلنا عائلات في حالات ذعر من أن تنزع منهم بيوتهم لحساب المستوطنات الإسرائيلية».
كانت تلك الصيحة من المجلس القومي للكنائس، يرافقها بيان مشابه من «المجلس العالمي للكنائس الكاثوليكية» معلناً أنه يعترف بحق تقرير المصير للفلسطينيين.
وفى نفس الاتجاه أعلن «الاتحاد العالمي للكنائس البروتستانتية» أن الحل النهائي للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني يجب أن يشمل إنهاء الاحتلال.
وجدد البيان الدعوة للسلام والعدل للجميع، وحث المجتمع الدولي على مضاعفة جهوده لإيجاد حل نهائي للنزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، ودعا الولايات المتحدة وأوروبا، على وجه الخصوص، للمساعدة على إيجاد حل نهائي لهذا النزاع. وعبّر عن قلقه من استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ومن التصعيد الأخير للعنف، وكان منه قتل صحفيين أبرياء، مثلما حدث للصحفية شيرين أبو عاقله.
والواضح أن تزايد العنف والعنصرية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، قد دفع العديد من منظمات وتجمعات أخرى لاتخاذ نفس الموقف، وكان لافتاً للنظر ما نشرته صحف أمريكية من تصريحات للقس جيري بيلاي، شبه فيها معاملة حكومة إسرائيل للفلسطينيين بنظام أبارتهايد، وهو مسمى الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، والذي اتفق العالم على إدانته. وبيلاي هو السكرتير العام السابق للكنيسة المتحدة بجنوب إفريقيا. وكان من قبل عميداً لكلية بريتوريا. وله دراسة نشرت في عام 2016 بعنوان «التمييز العنصري في الأراضي المقدسة».
ولعل استنهاض ذاكرتي لسنوات التواصل معي من المجلس القومي للكنائس، بحكم عملي رئيساً لمكاتب الأهرام بالولايات المتحدة، قد ذكرني بما كانت تقوم به منظمات يهودية، قمت بزيارة مقارها، ولقاء رؤسائها في واشنطن، من أجل حوارات معهم ومنها منظمات مثل Israel Policy Forum، ومنظمة Americans For Peace Now، ولأن تلك المنظمات كانت ولا تزال حتى الآن تعلن إدانتها لسياسات إسرائيل ضد الفلسطينيين، وتدعو لحل الدولتين باعتباره من وجهة نظرها يحافظ من ناحية، على مستقبل إسرائيل كدولة توصف بأنها ديمقراطية، ومن ناحية أخرى لعدم إهدار حقوق الشعب الفلسطيني.
وفي نفس الموجة العامة، يشارك أمريكيون معتدلون، في وصفهم لممارسات إسرائيل بالعنصرية، وهو نفس الموقف الذي اتخذه أعضاء «معهد الولايات المتحدة للسلام» فقد أصدر بياناً بعنوان «ما الذي تعنيه حكومة إسرائيل بالنسبة للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني؟
وركز البيان على وجود بن غفير وزيراً للأمن العام في حكومة نتنياهو، وهو المعروف بتأييده، عن اقتناع، للإرهاب والتحريض العنصري ضد الفلسطينيين، وهو ما يظهر اتفاق نتنياهو مع توجهاته.
ثم كان لافتاً للأنظار ما تم رصده في السنوات الأخيرة وحتى عام 2023 من نشاط في الجامعات الأمريكية، يرفض سياسات إسرائيل في تعاملها مع القضية الفلسطينية. وكان ضمنه حركة نشطة لطلاب يهود كانوا يتحركون في إطار اتحادات الطلاب بالجامعات الأمريكية، وحملت بعض تظاهراتهم لافتات مكتوب عليها «إسرائيل دولة عنصرية».
الصورة العامة وبجميع تفاصيلها، تظهر نبض حركة مجتمعية – وليست فردية – تتشارك جميعها في إدانة ما أسمته بالتمييز العنصري الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين، وعدالة قضيتهم.
وجميعها تنطق في نفس التوقيت بإدانة العنصرية والاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين وحقوقهم المشروعة. وما نراه يعكس صوت الضمير الإنساني، منتفضاً من أجل قضية عادلة طال أمدها، وليس في الإمكان إغماض الأعين عنها، وتركها على نفس حالها أكثر من ذلك.
*عاطف الغمري كاتب صحفي مصري
المصدر: الخليج