ما هو مصلى باب الرحمة في المسجد الأقصى المبارك.. الجماعات الصهيونية تنادي بتحويله لكنيس
في هجمة تزداد شراستها على المسجد الأقصى المبارك، اقتحمت قوات من شرطة الاحتلال الإسرائيلية، مصلى باب الرحمة بالمسجد الأقصى، واعتدت على حرمته وقامت بتخريبه ومصادرة كل ما فيه من مصاحف وسجاد الصلاة، ومصادرة جميع المتعلقات الموجودة داخله وقطع الكهرباء عنه، بالإضافة إلى منع المصلين من الوصول إليه واعتقال آخرين للمرة الثالثة على التوالي منذ بداية الأسبوع.
Table of Contents (Show / Hide)
فماذا وراء تصاعد الهجمات الآن على مصلى باب الرحمة؟ وكيف يحاول الاحتلال فرض التقسيم المكاني والزماني على المسجد الأقصى وجعله أمراً واقعاً؟
ما هو مصلى باب الرحمة في المسجد الأقصى المبارك؟
يعتبر مصلى باب الرحمة أهم أبرز المصليات التابعة للمسجد الأقصى المبارك، حيث يقع على السور الشرقي للمسجد، وقد ظل موقع صراع مع الاحتلال طوال عقود، حيثأعيد افتتاحه في فبراير/شباط 2019فيما عُرف بـ"هبة باب الرحمة"، بعد إغلاق استمر قرابة 16 عاماً.
ويقع مصلى باب الرحمة في السور الشرقي للمسجد الأقصى، ويبلغ ارتفاعه 11 متراً ونصف المتر، وهو باب مزدوج يتكون من بابين هما التوبة والرحمة يتم الوصول إليهما عبر النزول على سلالم طويلة، ويفضيان إلى قاعة كبيرة مقببة تحملها أعمدة رخامية.
ويعود إنشاء المصلى إلى 1300 عام خلال الفترة الأموية، وبجانب المصلى هناك مقبرة باب الرحمة الإسلامية التي دفن فيها العديد من الصحابة.
ظل مصلى باب الرحمة مفتوحاً حتى العهد العباسي، ثم احتله الفرنجة وفتحوه في أيام عيد الفصح، وقدسوه زعماً منهم أنه الباب الذي دخل منه السيد المسيح عليه الصلاة والسلام.
وبعد تحرير القدسأغلق القائد صلاح الدين الأيوبيالباب خشية تسلل الصليبيين من خلاله إلى داخل الأقصى والمدينة المقدسة، وحوّل المكان إلى مكان للصلاة، حتى الفترتين المملوكية والعثمانية، حيث اعتكف فيه الإمام أبو حامد الغزالي وألّف كتابه "إحياء علوم الدين"، ونشطت فيه المولوية المتصوفة.
انتكس المصلى وقل استخدامه في عهد الاحتلال البريطاني بسبب التضييقات على المصلين، ورغم ذلك فإنه ظل مفتوحاً حتى العهد الأردني، ثم أُهمل تماماً بعد الاحتلال الإسرائيلي للمسجد الأقصى عام 1967. وبقي المكان مصلى حتى عام 1967، ومن ثم استُخدم مكتبة دينية، ولاحقاً مقراً للجنة التراث الإسلامي.
في عام 1992 شهد مصلى باب الرحمة انتعاشاً استمر 11 عاماً، بعدما اتخذته لجنة التراث الإسلامي مقراً لها ونشّطت فيه الفعاليات الدينية والاجتماعية، حتى حظرها الاحتلال مطلع عام 2003، واتخذ ذلك ذريعة لإغلاق المصلى بالكامل.
هل يسعى الاحتلال لتقسيم المسجد الأقصى باقتطاع مصلى باب الرحمة؟
تحاول جماعات يهودية متطرفة، منذ عقود، السيطرة على مصلى باب الرحمة لبناء كنيس، حيث تنادي بذلك منذ وقت طويل، ما يمهد لتقسيم المسجد الأقصى مكانياً، لكن المقدسيين يواصلون صمودهم في المكان، وحالوا دون وقوع ذلك، حيث أجبروا الاحتلال على إعادة فتح المصلى عام 2019 بعد إغلاقه عام 2003 إبان فترة الانتفاضة.
ويواجه المرابطون في المصلى الآن انتهاكات من قبل جنود الاحتلال الذين يدنسون المصلى بأحذيتهم، ويعتدون على المصلين ويعتقلونهم ويصدرون أوامر إبعاد بحقهم.
ويكثف المستوطنون وبحراسة جنود الاحتلال الإسرائيلي من وجودهم بالمنطقة المحيطة بمصلى باب الرحمة خلال اقتحاماتهم للمسجد الأقصى، ما يثير مخاوف من مخططات إسرائيلية تستهدف المكان.
ويتربص المقتحمون دوماً بمصلى باب الرحمة، حيث ينضوون تحت ما يعرف باتحاد جماعات الهيكل المزعوم، ويقتحمون الأقصى قاصدين المنطقة الشرقية بجوار المصلى، حيث تؤمن هذه الجماعات بوجود دلالة دينية لباب الرحمة، ويعتقد أتباعها أن "المسيح المنتظر" سيدخل في آخر الزمان من باب الرحمة قادماً من جبل الزيتون، لذلك تنادي هذه الجماعات بتحويل المصلى إلى كنيس.
ويحاول المقتحمون تغيير طبيعة المنطقة الشرقية للمسجد الأقصى بمساندة قوات الاحتلال، ويكثفون صلواتهم فيها، لتمكين اقتطاعها من المسجد الأقصى، كما يقول أستاذ دراسات بيت المقدس عبدالله معروف في تصريح سابق.
وها هو مصلى باب الرحمة يعود للواجهة مجدداً بعد إقدام شرطة الاحتلال على كسر أحد أبوابه واقتحامه في ثاني أيام عيد الفطر، والأيام التي تلتها، بهدف تخريب كافة تمديدات الكهرباء الجديدة التي عمل المعتكفون على توصيلها خلال العشر الأواخر من شهر رمضان، وإفراغه من جميع محتوياته، في ظل استمرار منع ترميم المصلى، دون أي مبرر.
هذا الاعتداء دفع بمجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في القدس إلى إصدار بيان للتنديد بهذه "الانتهاكات والتصرفات العدوانية التي لها أهداف مبيّتة لن تتحقق".
وأكد البيان أن مصلى باب الرحمة هو جزء أصيل من المسجد الأقصى المبارك الذي تبلغ مساحته 144 دونماً (الدونم يساوي ألف متر مربع)، ورفض المجلس "التدخلات السافرة المستمرة من قبل شرطة الاحتلال وعرقلتها لأعمال إعمار المسجد الأقصى المبارك، وتعمد تخريب ما تقوم به دائرة الأوقاف الإسلامية من أعمال صيانة وترميم".