هولندا تنضم لضحايا تغيير انتماءات الباحثين بأموال جامعات سعودية.. القضية تتسع
لا تزال تفاصيل القضية التي فتحتها وسائل إعلام غربية ضد الجامعات السعودية، والمتعلقة بإغراء هذه الجامعات لعلماء وباحثين بجامعات أوروبية بالمال من أجل تغيير انتماءاتهم لرفع التصنيف الدولي لجامعات المملكة تتوالى، وهذه المرة من هولندا.
Table of Contents (Show / Hide)
حيث كشفت صحيفة "هولندا تايمز NL Times"، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، تفاصيل عن عروض مغرية قدمتها جامعة الملك سعود في الرياض لأساتذة وباحثين في جامعة (Wageningen University & Research) في فاخينينجن بهولندا، من أجل تغيير انتماءاتهم عبر الإنترنت لتكون لصالح الجامعة السعودية، ونقل جامعتهم الهولندية كانتماء ثانوي.
وبعد أن استجاب أستاذان هولنديان إلى الجامعة السعودية، أطلقت جامعة (WUR) تحقيقا، وفق ما ذكرته صحيفة "دي فولكس كرانت".
وقالت "هولندا تايمز" إن رسالة عبر البريد جاءت لأساتذة هولنديين من جامعة الملك سعود تعرض راتبا قدره 70 ألف دولار سنويا، بالإضافة إلى 50 ألف يورو في تمويل الأبحاث، مقابل تغيير انتماءاتهم العلمية في قاعدة بيانات عبر الإنترنت لصالح جامعة الملك سعود كانتماء أول.
تغيير الانتماء وأنت في مكانك
حدث هذا بالضبط مع أستاذ بيولوجيا التربة يان ويليم فان جروينيجن، والذي أخبرته جامعة الملك سعود أنه لا يتعين عليه ترك هولندا والقدوم إلى السعودية، بل فقط تغيير الانتماء الأول له في قاعدة البيانات لصالح الجامعة الخليجية، كما سيتعين عليه أيضًا تسمية جامعة الملك سعود كأول جامعة في 3 منشورات سنويًا.
في النهاية قال أستاذ بيولوجيا التربة إنه لم يرد على البريد، الذي ظنه احتياليا في البداية.
تم تقديم هذه المتطلبات أيضًا لعلماء هولنديين آخرين، بما في ذلك زملاء العمل لفان جروينيجن في (WUR)، الذين تركوا أيضًا رسائل البريد الإلكتروني دون إجابة.
لكن يبدو أن باحثين وأساتذة آخرين قرروا التعاون مع الجامعة السعودية، ونتيجة لذلك تصدرت جامعة الملك سعود "القائمة المرموقة للباحثين المتميزين" لشركة Clarivate البريطانية، بحسب ما نقلته الصحيفة.
ونتيجة لذلك، كلما ظهر أستاذ جامعي في هذه القائمة في كثير من الأحيان، ارتفعت الجامعة في تصنيفات شنغهاي المرموقة.
هذا هو بالضبط هو الهدف طويل الأمد للجامعة السعودية، أي الارتقاء في الترتيب و"زيادة ظهور جامعة الملك سعود على مستوى العالم"، كما صرحت الجامعة في البريد المرسل إلى فان جرونينجين وأساتذة آخرين.
وعبر موقعها الإلكتروني تقول جامعة الملك سعود إنها تعطي أولوية قصوى لتحسين سمعتها الدولية، عبر "التعاون" مع كبار العلماء.
ومع ذلك، بالنسبة لجامعة (WUR)، فإن نتيجة مثل هذه الحالات هي أنهم يخسرون نقاطًا في مثل هذه التصنيفات، حيث يتم إدراجهم فقط كأصحاب عمل ثانٍ، وهو ما قد يؤدي في أسوأ الأحوال إلى انزلاقهم في أماكن قليلة في التصنيف.
و"تصنيف شنغهاي"، المعروف أيضًا باسم "التصنيف الأكاديمي للجامعات العالمية"، هو منشور سنوي مرموق يقيس جودة التعليم والبحث في مختلف الجامعات على مستوى العالم، ويعد الصعود في مرتبته أمرًا بالغ الأهمية لاكتساب النفوذ السياسي.
حدث في إسبانيا أيضا
وقبل ساعات، نشرت مجلة "نيتشر Nature" اتهامات ساقتها أكاديمية SIRIS المتخصصة في استشارات التعليم العالي في إسبانيا لجامعة الملك سعود أيضا باستقطاب كبار الباحثين والأساتذة لتغيير انتماءاتهم الأولى لتكون لصالح الجامعة السعودية مقابل المال، وغالبًا مع التزام ضئيل بالقيام بعمل هادف، وفق ما ترجمه "الخليج الجديد".
وقال تقرير SIRIS: "لقد وجدنا نمطًا للظهور المفاجئ لانتماء الباحثين إلى المؤسسات السعودية"، مردفا: "هذه الانتماءات والممارسات المضللة تغذي الشكوك حول مصداقية العلم".
وأوضحت "نيتشر" أنه خلال العقد الماضي، حول العشرات من الباحثين الأكثر شهرة في العالم انتماءاتهم الأساسية إلى جامعات في السعودية، وقد أدى ذلك بدوره إلى تعزيز مكانة المؤسسات السعودية في جداول تصنيف الجامعات، والتي تأخذ في الاعتبار تأثيرات الاستشهاد بباحثي المؤسسة.
وتشير قاعدة بيانات شركة Clarivate، أن عدد الباحثين في القائمة الذين ينتمون إلى السعودية ارتفع من 27 إلى 109 بين عامي 2014 و 2022.
ويعمل هؤلاء الباحثون في مجموعة من التخصصات، والعديد منهم لهم ارتباطات ثانوية في بلدان مثل إسبانيا والصين والمملكة المتحدة وألمانيا والهند.
جامعة قرطبة
وجاء تقرير SIRIS في أعقاب ما كشفت عنه صحيفة "إلبايس El País" الإسبانية، التي ذكرت في أبريل/نيسان الماضي أن الكيميائي رافائيل لوكي قد تم فصله من جامعة قرطبة في إسبانيا، حيث كان يعمل بدوام كامل، بعد تحويل انتمائه الأساسي إلى جامعة الملك سعود.
ويُعتقد أن التغيير قد قلل من مكانة جامعة قرطبة في تصنيف شنغهاي بأكثر من 140 مركزًا.
وتشير "إلبايس" إلى أن 77% من الباحثين، الذين يدرجون جامعة سعودية باعتباره مكان عملهم الأساسي في قاعدة بيانات كلاريفيت، يدرجون أيضًا انتسابًا ثانويًا في بلد آخر يكون عادةً هو موطن عملهم الفعلي.
ومن هؤلاء، أومبرتو بوستينس، أستاذ علوم الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي في جامعة نافاري العامة (إسبانيا)، الذي أقر بكذبه عام 2018 بشأن مكان عمله الأساسي، عبر تسجيله جامعة الملك عبدالعزيز، رغم أن قدمه لم تطأ المملكة العربية السعودية.
إدانة سعودية
وكان الباحث السعودي بجامعة الملك عبدالعزيز، صخر الهذالي قد أدان هذه الممارسات من جامعات سعودية، واصفا الأمر بأنه "احتيال يضر بسمعة المملكة".
وشدد الهذالي على ضرورة اجتذاب الجامعات السعودية للباحثين من ذوي الاستشهادات العالية بالأوراق العلمية المنشورة، من خلال السماح لهم بالانتقال إلى المملكة والعمل فيها، وليس من خلال الاستفادة من أوراقهم عن بعد، وفقا لما أورده تقرير نشرته صحيفة "إلبايس" الإسبانية وترجمه "الخليج الجديد"، الجمعة الماضي.
ويعتقد الهذالي أن التعاون الأكاديمي مع السعودية يجب أن يتم بالطريقة الصحيحة، "بناءً على تبادل المعرفة وليس الانتماءات"، مشددا على أن التعزيز المصطنع للترتيب الأكاديمي "يعيد الجامعات السعودية إلى الوراء، وليس إلى الأمام"، حسب قوله.
وندد الهذالي بالكيفية التي يحصل بها بعض الباحثين الأجانب على التمويل السعودي وإجرائهم لمعظم تجاربهم خارج المملكة، "بينما يتقاضى طلاب الدكتوراه الشباب المحليون بالكاد حوالي 450 يورو شهريًا".
وأعرب الهذالي عن أمله في أن يؤدي الكشف عن هذه الممارسة الاحتيالية إلى تنبيه وسائل الإعلام والجمهور في السعودية.
ويقول: "إذا أرادت الجامعات السعودية جذب الباحثين المتميزين، فعليها فعل كل ما في وسعها للسماح لهم بالانتقال إلى المملكة، كما جرى مع لاعب كرة القدم [البرتغالي] كريستيانو رونالدو".