لماذا يجب أن يكون تحسين العلاقات مع السعودية أولوية لمرشحي الرئاسة الأمريكية؟
بينما تدرس الإدارة الأمريكية المقبلة خياراتها في الشرق الأوسط والتزاماتها حول العالم، يجب أن تنظر في فوائد الشراكة القوية بين الولايات المتحدة والسعودية.
Table of Contents (Show / Hide)
هكذا يتحدث تحليل في منتدى "الخليج الدولي"، مشددة على أنه وجوب أن تكون تحسين العلاقات مع السعودية، على رأس أولويات الإدارة الأمريكية بعد الانتخابات المقررة نهاية 2024.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية لعام 2024، بدأ المرشحون المحتملون في دراسة أولويات السياسة الخارجية الأمريكية وحالة علاقات الولايات المتحدة مع الأصدقاء والأعداء.
ويضيف التحليل: "وسط التوترات المتزايدة مع الصين وروسيا والعدد المتزايد من الخصوم، يجب على الرئيس المقبل إعطاء الأولوية لتعزيز واقع وتصور الولايات المتحدة وقوتها في الخارج، حيث سيكون تطوير شبكة مستدامة وموثوقة من شركاء الأمن أمرًا بالغ الأهمية".
ويشير إلى أنه قد تم إلحاق ضرر كبير بالعديد من العلاقات التقليدية لواشنطن في السنوات الأخيرة ، وفي مقدمتها العلاقات الأمريكية مع السعودية، والتي تدهورت بشدة وتحتاج إلى إعادة ضبط كبيرة.
ففي وقت مبكر من عام 2019، تعهد المرشح الرئاسي آنذاك جو بايدن، بأن يجعل السعودية "دولة منبوذة"، مؤكدا لمؤيديه خلال الحملة الانتخابية أنه لن يبيع لها أسلحة، وشدد على أنه سيجعل السعوديين "يدفعون ثمن" اغتيال الكاتب في صحيفة "واشنطن بوست" جمال خاشقجي.
وعقب توليه دخوله منصبه، جمّد بايدن مؤقتًا مبيعات الأسلحة إلى المملكة، وأصدر تقريرًا يورط ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مقتل خاشقجي، بل ورفض التحدث إلى بن سلمان لأكثر من عام.
وسرعان ما رد بن سلمان بالمثل على موقف بايدن السلبي.
وعندما غزت روسيا أوكرانيا في 2022، وما تبعه من ارتفاع في أسعار النفط العالمية، حاول بايدن الاتصال بالزعيم السعودي والحث على زيادة الإنتاج، إلا أن ولي العهد رفض التحدث معه، وهي علامة على الازدراء لم يكن من الممكن تصورها سابقًا.
وفي وقت لاحق من ذلك العام، خفضت السعودية إنتاجها النفطي، مما أدى إلى زيادة جديدة في الأسعار العالمية، ودفع بايدن إلى التعهد بـ "عواقب" غير محددة للرياض.
في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أثار بن سلمان قلق صانعي السياسة الغربيين عندما مد البساط الأحمر للزعيم الصيني شي جين بينغ، معلنا عن "حقبة جديدة" في العلاقات بين البلدين.
وأمام ذلك، قام بايدن برحلة خاصة إلى السعودية في منتصف عام 2022، إلا أنها لم تحقق سوى القليل من المكاسب الملموسة فيما يتعلق بأهم أهدافه، وهو خفض أسعار النفط والتطبيع مع إسرائيل.
وعادت العديد من القضايا التي تثير التساؤلات حول العلاقات الأمريكية السعودية إلى الظهور خلال الرحلة إلى الرياض، ويبدو أن القادة الأمريكيين والسعوديين لم ينخرطوا في أي تبادلات صريحة حول مستقبل الشراكة.
وفي الأسابيع الأخيرة، أرسل بايدن العديد من كبار مسؤوليه، بما في ذلك كبير مستشاري الطاقة والبنية التحتية عاموس هوشستين، ومستشار الشرق الأوسط بريت ماكغورك، ووزير الخارجية أنتوني بلينكين إلى الرياض لتعزيز العلاقات الأمريكية السعودية.
وقبل هذه الرحلة ، تراجعت الإدارة عن تجميدها لمبيعات الأسلحة وأخطرت بذلك الكونجرس ليبيع ما لا يقل عن 4 مليارات دولار من الأسلحة والخدمات العسكرية للمملكة.
ووفق التحليل، فإن تغيير بايدن بموقفه من السعودية يؤكد أن البيت الأبيض قد أدرك أخيرًا أنه في عالم متعدد الأقطاب بشكل متزايد، لا تستطيع واشنطن ببساطة أن تنفر شركاء أقوياء، خاصةً عندما يمكن أن تجبر العلاقات الأمريكية غير الفعالة حلفاء مثل السعودية على تكثيف مشاركتها مع خصومها مثل روسيا أو الصين.
وحتى الآن، ومع ذلك، لم تنجح فورة النشاط في إصلاح المشكلة الأساسية، وهي انعدام الثقة والاحترام المتبادل بين قادة البلدين.
ومع انتخابات 2024، يقول التحليل، إنه يجب أن يدرك جميع المرشحين المحتملين في الحزبين الجمهوري والديموقراطي، أن تحسين العلاقات مع المملكة الخليجية أمر بالغ الأهمية لضمان الأمن الاقتصادي والوطني لأمريكا.
ويضيف: "كما من الضروري أن ندرك أن أيام الصفقة الكبرى لـ(النفط مقابل الأمن) قد ولت، وحان الوقت لإشراك السعوديين في علاقة تقوم على الثقة والاحترام المتبادلين".
ويشير إلى أن العلاقة مع السعودية ستبقى في مكافحة الإرهاب، والاستقرار في البحر الأحمر والخليج، والتصدي لتهديدات إيران وشبكة حلفائها ووكلائها، وستزداد أهمية الرياض بمرور الوقت، حيث تحاول الولايات المتحدة تحويل تركيزها بعيدًا عن الشرق الأوسط ونحو المحيطين الهندي والهادئ.
بالإضافة إلى ذلك، والحديث للتحليل، فمن غير المرجح أن يتغير موقف السعودية في الشؤون الإقليمية، ودورها الحيوي في إنتاج النفط العالمي في المستقبل المنظور.
ويضيف: "في حين أن الولايات المتحدة قد لا تكون قادرة على وقف تطوير السعودية للعلاقات مع الصين وروسيا، إلا أنها يمكن أن تؤثر على طبيعة تلك العلاقات وتمنعها من أن تصبح تهديدًا للمصالح الأمنية الأمريكية من خلال استئناف العلاقات الوثيقة مع المملكة".
وأمام ذلك، يقترح التحليل إعادة علاقة الاحترام المتبادل مع السعودية، ويقول: "يجب على المرشحين المحتملين إعطاء الأولوية لبناء الثقة والتعاون مع القادة السعوديين من خلال الحوار المفتوح والصريح، الذي قد يؤدي إلى تشجيع التعاون لحماية المصالح الأمنية المشتركة".
ويتابع: "يمكن أن تؤدي هذه المحادثات أيضًا إلى إصلاحات ذات مغزى تدعم حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية وحريات الصحافة، طالما أنها بناءة وليست نقدية بطبيعتها".
كما يشدد التحليل على أهمية إظهار واشنطن الاتساق عندما يتعلق الأمر بالأمن الإقليمي في الشرق الأوسط.
ولدى السعوديين سبب وجيه لمخاوفهم بشأن المصالح الأمريكية طويلة المدى في المنطقة، خاصة أن بايدن ومنذ توليه منصبه، سحبت دعم الولايات المتحدة للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، وأزال تصنيف الحوثيين المدعومين من إيران من قائمة الإرهاب، قبل أن يسحب أنظمة الدفاع الجوي "باتريوت" و"ثاد" من المملكة.
ولأن التزام الولايات المتحدة بالأمن السعودي كان دائمًا ركيزة أساسية في العلاقة الأمريكية السعودية، فقد أضرت هذه التحركات بثقة الرياض في الولايات المتحدة وأثارت الشكوك حول قيمة الصداقة مع واشنطن،؟ وفق التحليل.
وتهدئة مخاوف القادة السعوديين وإصلاح الضرر الذي حدث بالفعل، يقترح التحليل على المرشحين المحتملين التفكير في إنشاء إطار دفاع استراتيجي جديد يعمل على ترقية الشراكة الأمنية مع المملكة، وإنشاء قدرة اندماج تركز على هجمات الحوثيين بصواريخ وطائرات بدون طيار من خلال توفير معلومات استخبارية، وإنشاء بنية دفاعية جوية وصاروخية متكاملة في المنطقة تلعب فيها السعودية دورًا رائدًا.
ويقول التحليل إنه بغض النظر عمن سيجلس في البيت الأبيض في عام 2025، فإن الأزمات الأمنية التي يمكن التنبؤ بها والتي لا يمكن التنبؤ بها ستشتت انتباه وتعطل حتى أفضل القادة وموظفيهم، لا سيما مع احتمال استمرار العداء والمواجهة الصينية والروسية مع الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم.
ويختتم بالقول: "لا يجب أن يكون الشرق الأوسط منطقة تواجه فيها الولايات المتحدة معارضة لأهدافها الأمنية والاقتصادية".
المصدر: الخليج الجديد