مناقشات أمريكية علنية لوقف المساعدات العسكرية لإسرائيل.. لم يعد هناك خطوط حمراء
تصاعد الخلاف بين الإدارة الأمريكية، والحكومة الإسرائيلية، للدرجة التي بات نقاش موضوعات على الملأ، كان يظن أنها خط أحمر، وهو ما حدث الآن مع اقتراح قطع المساعدات العسكرية الأمريكية عن إسرائيل.، في ظل ظل الجدل المثار حول تعديلات القضاء بالدولة العبرية، وزيادة التوتر مع الجانب الفلسطيني.
Table of Contents (Show / Hide)
وحسب صحيفة "هآرتس" العبرية، فإن قناة "PBS" الأمريكية، استضافت الأسبوع الماضي، في حوار تليفزيوني، ضيفين، أحدهما السفير الأمريكي سابق لدى إسرائيل دان كرتزر، والآخر المسؤول الكبير في السابق في البيت الابيض دينيس روس، وناقشا ما إذا كان من الحري بالولايات المتحدة أن تلجأ إلى خطوة عقابية ضد إسرائيل.
ووفق "هآرتس"، فإن القضية التي كانت تحظى بإجماع وتوافق تام في السياسة الأمريكية، تتحول الآن إلى أخرى مثيرة للجدل تتم مناقشتها على نحو متزايد في واشنطن.
وقال كرتزر، وهو سفير واشنطن لدى تل أبيب بين 2001 و2005، في عهد إدارة جورج بوش الابن، إنه يدعم هذه الفكرة، لأن إسرائيل لم تعد تتشارك مع الولايات المتحدة القيم الديمقراطية نفسها، بحسب رأيه.
وأضاف أن إسرائيل رسخت نفسها بشكل جيد يجعلها قادرة على الاعتناء بنفسها.
وفي المنحى نفسه، لم يعارض روس، الذي كان مسؤولا عن ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في عهد إدارة بيل كلينتون، في تسعينيات القرن الماضي، إيقاف المساعدات عن إسرائيل.
لكن روس حذر من أن الوقت غير مناسب الآن، لأن أمرا مثل هذا سيشجع أعداء إسرائيل على مهاجمتها بسبب ما يعتقدون أنه تراجع في الدعم الأمريكي.
هذا النقاش التلفزيوني هو في الحقيقة جزء من نقاش عام بدأ يطفو على السطح في الولايات المتحدة، خلال الأسابيع الأخيرة، حول استمرار المساعدة العسكرية لإسرائيل التي تقدر قيمتها السنوية بـ3.8 مليارات دولار، وفقا لمذكرة التفاهم التي توصل إليها الطرفان عام 2016.
وينتهي العمل بالمذكرة عام 2026، فيما يقدر مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون كبار أن يكون التوصل إلى صيغة اتفاق جديدة حول المساعدات أصعب وأكثر تعقيدا من السابق.
ومنذ سنوات، وأصوات ما يوصف بـ"الجناح التقدمي" في الحزب الديمقراطي، تتعالى مطالبة بإيقاف المساعدات المقدمة لإسرائيل، أو على الأقل استخدامها كورقة مساومة لاجبار الدولة العبرية على تجميد الاستيطان وإخلاء البؤر الاستيطانية غير الشرعية.
الحديث عن إنهاء المساعدات العسكرية لإسرائيل لم يعد "محظورا" في الإعلام الأمريكي، والمسؤولون الإسرائيليون يعترفون بأن سرعة التغيير بهذا الشأن، فاجأتهم بالفعل.
قبل نحو أسبوعين، نشرت "نيويورك تايمز" مقالا لكاتب الرأي، نيكولاس كريستوف، الذي لا يكتب كثيرا عن الشأن الإسرائيلي، ولكنه دعا صراحة في مقاله إلى وقف المساعدات العسكرية المقدمة لإسرائيل.
المقال تضمن أيضا مقابلة مع السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل، مارتن أنديك، الذي دعم هو الآخر فكرة وقف المساعدات.
ويعتقد السفيران السابقان كوتزير وأنديك أن المساعدات العسكرية لإسرائيل لم تعد تخدم في الحقيقة أهداف السياسة الخارجية الأمريكية، في ظل استمرار الإسرائيليين بتجاهل المطالب الأمريكية. ويجمع كلاهما أيضا على أن إسرائيل صارت "دولة قوية وثرية"، وقد حان الوقت لإيقاف المساعدات عنها.
بعد أسبوع من نشر مقال "كريستوف"، صُدم اللوبي المؤيد لإسرائيل في أمريكا بمقال آخر يدعو إلى تهديد إسرائيل بإيقاف المساعدات، ولكن الدعوة هذه المرة كانت من الجانب الجمهوري.
ودعا محلل الشؤون الدفاعية في موقع "واشنطن إيكسامينير" المحافظ توم روغان، الحزب الجمهوري إلى الضغط على إسرائيل من خلال المساعدات العسكرية، لردعها عن التقرب أكثر من الصين، مبينا أن حكومة نتنياهو لم تستجب للتحذيرات الأمريكية السابقة بالابتعاد عن الصين.
روغان اتهم نتنياهو بأنه يحاول ممارسة ضغوط على واشنطن، من خلال التقارب مع منافستها الأكبر في العالم، الصين.
لكن الإدارة الأمريكية تعارض تلك الدعوات، حيث أعلنت وزارة الخارجية في 25 يوليو/تموز، أنه لن يكون هناك أي قطع أو توقف للمساعدات العسكرية لإسرائيل بعد تصديق الحكومة الإسرائيلية على التغييرات القضائية الأوّلية التي يخشى المنتقدون أن تُعرِّض استقلال المحاكم للخطر.
وأكد نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية فيدانت باتيل للصحفيين أن عدم قطع أو توقف للمساعدات العسكرية يأتي في إطار الالتزام الأمريكي تجاه إسرائيل وأمنها.
واللافت أن دعوات قطع المساعدات عن إسرائيل جاءت من المحللين والكُتاب الذين اعتُبروا في الماضي الأكثر تأييدا لإسرائيل، وبعض أولئك الكتاب اتهم إسرائيل الآن بكونها "الحليف غير الليبرالي الذي يصعب الحفاظ عليه"، وبعضهم الآخر وصفها بهنغاريا الشرق الأوسط.
المصدر: الخليج الجديد