السودان تحجب قنوات سعودية وإماراتية لأسباب تتعلق بانعدام الشفافية
أصدرت وزارة الثقافة والإعلام السودانية قراراً وصفه سودانيون بالمتأخر، يتعلق بوقف عمل قنوات (العربية والحدث وسكاي نيوز) في السودان لعدم التزامها بأبسط مبادئ المهنية والشفافية.
Table of Contents (Show / Hide)
![السودان تحجب قنوات سعودية وإماراتية لأسباب تتعلق بانعدام الشفافية](https://cdn.gtn24.com/files/arabic/posts/2024-04/9899989.jpg)
وجاء في بيان صادر عن الوزارة، الثلاثاء، أنه تم إيقاف القنوات الثلاث، وتوجيه الجهات ذات الصلة لاتخاذ ما يلزم، ووضع القرار موضع التنفيذ.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية السودانية (سونا) تصريحات وزير الإعلام، جراهام عبد القادر وقال فيها، إن السودان علق عمل قنوات العربية والحدث وسكاي نيوز عربية “لعدم التزامها بالمهنية المطلوبة والشفافية وعدم تجديد تراخيصها”.
وذكرت الوكالة أن القرار يستند إلى “موجهات ومطلوبات المهنية والشفافية في العمل الإعلامي ومصلحة المواطن السوداني وقيمه”.
وكانت حكومة السودان قد قدمت شكوى رسمية في مجلس الأمن الدولي ضد دولة الإمارات، متهمة إياها بالتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد.
وتمارس القنوات السعودية والإماراتية أو تلك التي تتلقى دعماً من أبوظبي والرياض، سياسات التشويه والتضليل بأكاذيب واضحة لا تخفى على أحد، وفق وصف العديد من رواد منصات التواصل.
وتؤكد الخرطوم أن أبوظبي قدمت “مختلف أشكال الدعم السياسي والإعلامي والدبلوماسي والمالي، إلى جانب الإمداد بالسلاح والعتاد وجلب المرتزقة من شتى الدول و لا تزال تقدم الدعم لمليشيا الدعم السريع بقيادة حميدتي”.
ودعا أكاديميون ومشاهير فلسطينيون إلى تطبيق ذات الحظر في غزة والضفة الغربية، ومن بينهم الصحفي الفلسطيني نظام المهداوي الذي غرد متفاعلاً مع قرار السودان.
علّق نظام المهداوي على الخبر بالقول “حسناً فعلت السودان بحظر العربية و الحدث. كان يتعين حظرها في غزة والضفة فالقناة صهيونية بامتياز وتتبجح بهذا بل تتفوق بصهيونيتها على القنوات الإسرائيلية.”
أحمد بن راشد بن سعيّد كتب ” في خطوة ضرورية ومشروعة لحفظ أمن السودان شعباً وكياناً، أوقفت الحكومة السودانية عمل قنوات العربية والحدث السعوديتين، وسكاي نيوز عربية الإماراتية، في البلاد. حروب الدعاية لا تقلّ خطراً عن حروب الجيوش. ردع المعتدي عن عدوانه الحسّي يتطلّب ردعه عن عدوانه الرمزي. الكلمة تقتل.”
واعتبر المراسل اليمني القرار السوداني “خطوة مهمة ولازمة قامت بها حكومة السودان تجاه قنوات الفتنة والتدمير وابواق الصهـ يونية _قناة العربية _الحدث _سكاي نيوز عربية منصات اعلامية تمولها دول الخليج للقضاء على الشعوب خدمة للاعداء.”
بدوره قال الكاتب الأردني علي سعادة ” السودان تعلق عمل قنوات “العربية” و”الحدث” و”سكاي نيوز عربية ” لعدم التزامها بالمهنية المطلوبة والشفافية وعدم تجديد تراخيصها. عقبال ما يوقف بثها في كل مكان بالوطن العربي، فالإعلام المتصهين أكثر خطرا من الإعلام الصهيوني نفسه”
والناشط الأردني علي معمر أكد أن ” قرار السودان ممتاز لمن يزرع الفتن وعقبال عند باقي الدول العربية التخلص من هذه القنواات النجسة…. العربية الحدث سكاي نيوز”
يذكر أنه منذ منتصف شهر أبريل/نيسان 2023 تستمر حرب الأطراف الداخلية المتصارعة في السودان، مكبدة البلاد خسائر في الأرواح والاقتصاد وأججت المعاناة الإنسانية وظاهرة الهجرة والنرزوج. المواجهات العسكرية المستمرة بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (والمعروف بـ حميدتي) فتحت الباب على مصراعيه أمام المستثمرين في الحرب من دول الجوار والغرب، حيث كانت الرياض وأبو الظبي من أوائل المستثمرين في الصراع المفتوح على المجهول.
وشكّل العدوان السعودي على اليمن الرافعة الأساسية لتعزيز العلاقات بين الرياض والخرطوم، حتى أنه على رغم تراجع عدد الجنود السودانيين المشاركين في هذا العدوان بعد سقوط البشير مباشرة، من 15 ألف جندي إلى 5 آلاف، بحسب بعض التقديرات، فإن سياسة النظام السعودي في السودان حقّقت دفعة جديدة مع توجهات محمد بن سلمان الجديدة.
وحضر السودان، الذي لا يوجّه إلّا نحو 6.3% من صادراته البالغة في عام 2021 نحو 5.45 مليارات دولار، إلى النظام السعودي، مقارنة بـ53.3% للإمارات و14.3% للصين، ضمن سياقات “رؤية 2030” الخاصة بابن سلمان، لجهة ضخ استثمارات في دول عدة لأغراض استراتيجية واقتصادية معاً، إذ أُعلن، نهاية العام 2022، عن عزم “صندوق الاستثمارات العامة” شمول السودان في خطته القاضية بضخ استثمارات بقيمة 24 مليار دولار عبر ست شركات في خمس دول عربية، على أن يُوجَّه الاستثمار في اتجاه قطاعات متنوعة مثل البنية الأساسية والتنمية العقارية والتعدين والرعاية الصحية والخدمات المالية والزراعة والتصنيع وغيرها، توفّر في مجملها، بحسب “الرؤية”، أداة لتنويع اقتصاد المملكة والاستعداد “لعصر ما بعد المحروقات”.
وتعهّد ابن سلمان، قبيل اجتماع مع رئيس “مجلس السيادة” في السودان عبد الفتاح البرهان، في نوفمبر 2022، بضخّ 3 مليارات دولار استثمارات لـ”صندوق الاستثمار العام”، تمثّل نحو ثلاثة أضعاف استثمارات المملكة في هذا البلد في عام 2021.
ويبدو أن هذه الخطط تسير على قدم وساق، إذ أعلن ابن سلمان، منتصف أبريل 2023، تحويل 4% من أسهم شركة “أرامكو” من ملكية الدولة إلى شركة “سنابل” للاستثمارات، الذراع الاستثمارية لـ”صندوق الثروة السيادي” الذي بات يمتلك 8% من إجمالي أسهم عملاق النفط، بقيمة عشرات مليارات الدولارات، ما سيعزّز قدرة الصندوق على تنفيذ خططه في السودان.
وعلى صعيد التأثير السياسي، راكم النظام السعودي حضوراً كبيراً، سواء من خلال العلاقات الثنائية مع البرهان، أو الانخراط البارز في الجهود الدولية لمقاربة الأزمة عبر لعب دور مؤثر في “الرباعية الدولية” التي مزجت منذ تكوينها، ولا سيما بعد انقلاب أكتوبر 2021، الروافع الاقتصادية والسياسية لتوجيه المرحلة الانتقالية في السودان. سواء تم هذا بقصد أم لا؛ فإن الدور السعودي والإماراتي منذ سقوط نظام البشير همّش الدور المصري في السودان وقيّد فاعليته بصورة لافتة، فباتت الرياض وأبوظبي تتقاسمان النفوذ فيه على حساب النفوذ المصري التاريخي. فبينما قامت المقاربة المصرية على الاستثمار في الجيش كمؤسسة مركزية تقليدية، راهن النظام السعودي والإمارات على إضعاف دور الجيش السياسي لإبعاد شبح الإسلاميين. تجلى هذا في الاتفاق الإطاري الذي لم يكن محل ترحيب مصري، ثم بات أكثر وضوحاً في تحالف القوى السياسية الموالية للإمارات مع حميدتي تحت شعار مواجهة الإسلاميين في الجيش.
المصدر: عربي 21