كيف يثير خلافات داخل حكومة إسرائيل.. حجم الإنفاق الكبير على الحرب
الإنفاق الكبير للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يتسبب، في مشكلات وانقسامات داخل إسرائيل خصوصا في ظل تردد وزير ماليتها بتسلئيل سموتيرتش في استخدام أموال مخصصة لليهود المتشددين.
Table of Contents (Show / Hide)
وبحسب تقديرات وزارة الاقتصاد نقلتها وكالة بلومبيرغ الأميركية، تنفق إسرائيل 260 مليون دولار يوميًا لتغطية تكلفة نفقات الحرب مثل الأسلحة والذخائر والمعدات ورواتب الجنود وجنود الاحتياط.
بدوره، قال محافظ البنك المركزي الإسرائيلي أمير يارون في تصريح صحفي منذ أيام إن الحرب مع حركة المقاومة الإسلامية حماس مثلت "صدمة كبيرة" لاقتصاد دولة الاحتلال، متوقعا أن تكون تكلفتها أكثر مما كان مقدرا في البداية.
وأوضح يارون أنه في حين أن الاقتصاد الإسرائيلي قوي ومستقر، "ليس هناك شك في أن الحرب سيكون لها آثار مالية وتولد ضغوطا على الميزانية".
توترات داخلية
وأشارت صحيفة "إيل بوست" الايطالية إلى أن إنفاق هذه الأموال الطائلة يثير التوترات داخل حكومة بنيامين نتنياهو.
ولاسيما مع تردد وزير المالية، اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، في استخدام صندوق خاص مخصص للجماعات اليهودية الأرثوذكسية المتطرفة لتمويل الأنشطة الحربية.
وأكدت أن تعبئة الأموال للنشاط الحربي بات أمرا معقدا بشكل متزايد لدولة الاحتلال.
وأضافت أن الحرب ضد القطاع تسببت في "اضطرابات كبيرة على الرغم من أن الوضع الاقتصادي كان متماسكا في البداية بتسجيل نمو جيد ومستوى منخفض من البطالة".
وذلك في إشارة إلى إغلاق العديد من المتاجر لأبوابها، بينما باتت المستوطنات الواقعة في الجنوب وخاصة تلك القريبة من قطاع غزة، خالية من السكان إن لم تكن مهجورة، كما أن العديد من مصادر إيرادات الاقتصاد مثل السياحة تراجعت عمليا نحو الصفر.
وتعمل الحكومة الإسرائيلية على تحويل الأموال التي كانت مخصصة في البداية للأغراض المدنية إلى تغطية نشاطها العسكري.
في هذا الإطار، تذكر الصحيفة الايطالية بتصريحات نتنياهو في أكتوبر بشأن مراجعة أولويات الميزانية العامة وتوجيهها نحو الأنشطة الحربية.
ولهذا السبب، قالت إن جدلا كبيرا نشأ في الأسابيع الأخيرة في السياسة الإسرائيلية حول ما يسمى "صندوق الائتلاف"، المتألف من أموال طائلة صادقت عليها الحكومة في مايو/أيار للاستجابة لاحتياجات أعضائها الأكثر تطرفا.
تتكون حكومة بنيامين نتنياهو الأكثر يمينية وتطرفا في تاريخ دولة الاحتلال من خمسة أحزاب، الكثير منها يمثل مصالح اليهود الأرثوذكس أي الأصوليين الدينيين اليهود.
وكذلك المستوطنين الذين يبنون ويسكنون مستوطنات غير قانونية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
صندوق جدلي
وكان الاحتلال قد شكل منذ بداية العدوان على قطاع غزة حكومة ائتلافية انضمت إليها بعض شخصيات المعارضة فيما حافظ جميع الوزراء الأكثر تطرفا على وزراتهم.
أبرزهم وزير المالية ورئيس حزب "الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش، وهو نفسه مستوطن ومدافع عن حقوق اليهود المتشددين وبات مع مرور الوقت مشهورا بتصريحاته الوحشية للغاية ضد الفلسطينيين، على حد تعبير الصحيفة الإيطالية.
وكان آخرها منشوره المتطرف على منصة "إكس" الذي قال فيه إن الهجرة الطوعية لسكان قطاع غزة إلى دول العالم هي الحل الإنساني الصحيح.
وكانت الحكومة المتطرفة أنشأت قبل بداية عدوانها "صندوق الائتلاف"، المكون من أموال يمكن استخدامها حسب تقدير بعض الوزارات للاستجابة لاحتياجات الحريديم والمستوطنين.
يخصص هذا الصندوق أموالا لفائدة تمويل المدارس الدينية المتطرفة، وكذلك تقديم المنح للجماعات الأرثوذكسية المتشددة خصوصا وأن نصفهم تقريبا لا يعملون، فضلا عن تمويل أنشطة التوسع وحماية المستوطنات.
وتبلغ قيمة الصندوق لفترة السنتين 2023-2024، 14 مليار شيكل أي 3.6 مليارات دولار.
لفتت الصحيفة الإيطالية إلى أن الكثير من الجدل رافق إنشاءه قبل الحرب إلا أنه أصبح أكثر إثارة للجدل في الأسابيع الأخيرة.
وقد جرى عده حلا لدعم الأنشطة الحربية ضد المقاومة والسكان العزل في غزة نظرا لأنه لا يخدم تمويل الاحتياجات الأساسية لدولة الاحتلال.
تردد مالي
إلا أن وزير المالية المتطرف سموتريتش بدا مترددًا منذ فترة طويلة في استخدام أموال هذا الصندوق لتمويل الأنشطة الحربية.
وقد أثار هذا جدلاً واسعا خاصة وأنه يُنظر إلى الجماعات الأرثوذكسية المستفيدة بجزء كبير من "صندوق الائتلاف"، على أنها تتمتع بامتيازات غير عادلة مقارنة ببقية الإسرائيليين.
كما أن الأرثوذكس المتطرفين معفون تقريبا من الخدمة العسكرية الإلزامية على عكس بقية السكان.
وخلال الحرب، وقع أكثر من 300 خبير اقتصادي إسرائيلي على نداء عام يطالب الحكومة "بالعودة إلى رشدها" و"عدم تمويل كل ما هو غير ضروري للحرب، بدءا بصندوق التحالف".
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية إن الاقتصاديين وجهوا رسالة إلى نتنياهو وسموتريتش كتبوا فيها: "أنتم لا تستوعبون حجم الأزمة التي يواجهها الاقتصاد، يجب أن تتصرفوا بطريقة مختلفة".
وأشارت إلى أن الاقتصاديين ينظرون "إلى وقت صعب يعيشه اليوم الاقتصاد الإسرائيلي.. ويجب اتخاذ إجراءات لمنع وقوع أضرار كبيرة على الفور".
ومن إجمالي 14 مليار شيكل يتألف منها "صندوق الائتلاف"، جرى إنفاق خمسة منها بالفعل في الأشهر الأخيرة.
وبعد ضغوط قوية، وافق سموتريتش على استخدام 1.6 مليار من الأموال المتبقية للإنفاق العسكري، زاعما أن الباقي مخصص لعام 2024، وبالتالي لا يمكن استخدامه في الوقت الحالي.
لكنه، بحسب الصحيفة الايطالية، يعتزم استخدام 1.2 مليار من الصندوق لزيادة رواتب المعلمين في المدارس الحريدية وأمن المستوطنات.
من جانبها، انتقدت المعارضة هذا القرار مؤكدة على ضرورة استخدام كل أموال " صندوق الائتلاف" في الحرب.
ومن المتوقع أن يقدم وزير مالية دولة الاحتلال في الأيام القليلة المقبلة مقترح ميزانية جديدة لما تبقى من العام الحالي تشمل نفقات الحرب.
وعلى إثر ذلك ستفهم الكيفية التي ينوي من خلالها الاحتلال استخدام الأموال المخصصة لليهود المتشددين.