أردوغان أم كليتشدار أوغلو؟.. الأتراك يحسمون الأحد أشرس انتخابات رئاسية
يدلي الناخبون الأتراك بأصواتهم في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التركية، الأحد، وسط احتدام المنافسة بين مرشح تحالف الجمهور زعيم حزب العدالة والتنمية الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان (69 عاما)، ومرشح تحالف الأمة زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليتشدار أوغلو (74 عاما).
Table of Contents (Show / Hide)
ودعا المعسكران المتنافسان الناخبين الأتراك إلى التوجه إلى صناديق الاقتراع للتصويت بكثافة في هذه الجولة الحاسمة.
وفي جميع أنحاء تركيا، يدلي الناخبون بأصواتهم في أكثر من 191 ألف صندوق اقتراع لاختيار رئيس للبلاد لمدة 5 سنوات مقبلة.
ويحق لـ60 مليونا و697 ألفا 843 ناخبا الإدلاء بأصواتهم، منهم 4 ملايين و 904 آلاف و672 ناخبا يصوتون لأول مرة.
وفي الوقت الذي يبدو فيه أردوغان مرتاحا لفارق النقاط الذي حققه في الجولة الأولى، يزيد منافسه كليتشدار أوغلو من حدة خطابه المتعلق بعدد من القضايا، أبرزها اللاجئون، لكسب مزيد من الأصوات.
وفي محاولة للتأثير على الناخب التركي في الجولة الثانية من الانتخابات، يركز كليتشدار أوغلو على ملف ترحيل اللاجئين، خاصة السوريون، حتى بات هذا الملف محوراً رئيسياً في خطاباته الانتخابية.
وبينما كان كليتشدار أوغلو يعد في الجولة الأولى بترحيل اللاجئين السوريين بشكل طوعي وآمن خلال عامين بالتعاون مع الحكومة السورية والأمم المتحدة، فقد بات اليوم يستخدم لغة حادة وأرقاماً ضخمة، إذ تحدث عن وجود أكثر من 10 ملايين لاجئ سوري في تركيا، وحذر من وصول أعدادهم إلى 30 مليونا في المستقبل.
وبهذه النبرة الحادة تجاه اللاجئين، يأمل مرشح المعارضة في جذب أصوات اليمينين والقوميين الأتراك، الذين صوتوا لمرشح تحالف الأجداد سنان أوغان، الذي حصل على نسبة 5.2% وحل ثالثاً بالجولة الأولى من الانتخابات التي جرت في 14 مايو/أيار.
في المقابل، قال أردوغان في تجمع انتخابي في إسطنبول، إن العمل جارٍ لبناء منازل جديدة تستوعب نحو مليون سوري بدعم قطري.
ونقلت وكالة الأناضول للأنباء عن أردوغان قوله "بالأمس توجّه وزير داخليتنا سليمان صويلو إلى الشمال السوري، وأشرف على وضع حجر الأساس لمشروع المنازل؛ ومع هذا المشروع، نكون قد بدأنا بتأسيس البنية التحتية للعودة الطوعية للسوريين إلى تلك المناطق".
وشهدت خريطة التحالفات السياسية تحولات كبيرة في صفوف أعضائها من حيث توجهاتهم الانتخابية، حتى إن البعض منهم اضطر إلى قبول شعارات وقضايا كانت في السابق تُعتبر خطاً أحمر أو غير مقبولة بالنسبة لهم.
وكان النصيب الأكبر من تلك التغييرات لتحالف الأجداد "أتا" القومي، الذي أعلن مرشحه الرئاسي سنان أوغان، صاحب الترتيب الثالث في الجولة الأولى من الانتخابات، دعمه لأردوغان.
في المقابل، أعلن زعيم حزب الظفر أوميت أوزداغ، وهو أحد أكبر مكونات التحالف، دعمه لكليتشدار أوغلو في الجولة الثانية.
وعلى الرغم من تحالف كليتشدار أوغلو مع أوزداغ المنتمي لأقصى اليمين القومي، فإنه ضمن دعم الأحزاب الكردية واليسارية، إذ أعلن حزبا الشعوب الديمقراطي واليسار الأخضر استمرار دعمهما له في جولة الإعادة، ودعيا أنصارهما للتصويت بكثافة في الانتخابات.
ويمثل الأكراد نحو 20% من سكان تركيا؛ ويعدون عنصراً حاسماً في جولة الإعادة بعدما صوتوا بكثافة لكيليجدار أوغلو في الجولة الأولى.
ويوصف تحالف "أتا" بالقومي المتطرف الذي يستهدف المهاجرين غير النظاميين والأجانب، لا سيما السوريين والأفغان.
كما شهد أحد مكونات تحالف الأمة، وهو حزب المستقبل برئاسة رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، استقالة 11 عضواً كبيراً، بسبب ما وصفوه بابتعاد الحزب عن مبادئه وأهدافه عبر المشاركة في استخدام ورقة اللاجئين بشكل متطرف في الدعاية الانتخابية لكليتشدار أوغلو.
الأمر ذاته تكرر في حزب الظفر التركي عندما أعلن العشرات استقالتهم بسبب دعم أوزداغ لمرشح تحالف المعارضة، قبل أن يعلن آخرون أنهم سيصوتون لصالح أردوغان وليس لكليتشدار أوغلو.
يأتي ذلك فيما بلغ عدد أتراك الخارج الذين أدلوا بأصواتهم في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية مليونا و912 ألفا و30 ناخبا، وفقا لما نقلته وكالة "الأناضول" التركية (رسمية) عن الهيئة العليا للانتخابات.
ويشمل هذا العدد أصوات المغتربين في مقار البعثات الدبلوماسية التركية بالخارج -والتي جرى الاقتراع فيها بين 20 و24 مايو/أيار الجاري- وأصوات الأتراك في المنافذ الحدودية التي يستمر فيها التصويت حتى الساعة 17:00 (14:00 بتوقيت غرينتش) من الأحد الذي تُجرى فيه الانتخابات داخل تركيا.
وتفوق هذه الحصيلة عدد أصوات الخارج في الجولة الأولى من الانتخابات، والذي بلغ مليونا و839 ألفا و470 ناخبا، بينهم نحو 148 ألفا أدلوا بأصواتهم في المنافذ الحدودية من مطارات ومعابر.
وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي في تركيا تحدثت عن فوز كليتشدار أوغلو في الانتخابات من الجولة الأولى، إلا أن النتائج أظهرت أن أردوغان ما زال المرشح المفضل لدى الشعب التركي، رغم عدم فوزه من الجولة الأولى بالانتخابات.
وحصل أردوغان على 49.51%من أصوات الناخبين، فيما نال كليجدار أوغلو 44.88%، وسنان أوغان 5.17%، وفق النتائج النهائية التي أعلنتها الهيئة العليا للانتخابات.
ويقول مراقبون إن فشل مرشح المعارضة وتحالف الأمة كليتشدار أوغلو في الفوز بالانتخابات من الجولة الأولى، رغم كل الحشد والتجييش الجماهيري والإعلامي الذي رافق حملاته الانتخابية، أظهر أن المعارضة التركية لا تزال تفتقد المرشح القوي والخطاب السياسي الذي يمنحها أصوات الأغلبية.
وكانت هناك خلافات بين أعضاء تحالف الأمة، أو ممثلي الطاولة السداسية، بشأن جدوى تسمية كليتشدار أوغلو كمرشح للتحالف ومدى قدرته على الفوز في مواجهة أردوغان.
عاد هذا الخلاف ليطفو على السطح من جديد، لكن بعدما فات وقت تغييره، وهو أمر بات يشكل هاجساً لدى المعارضة، التي قد تخسر فرصة لن تتكرر ثانية لهزيمة أردوغان بعد أن تحالفت في كيان واحد رغم كل اختلافاتها الفكرية والعقائدية الكبيرة.
وأمام كل ذلك، وفق مراقبين، فإنه يبدو أن حظوظ أردوغان في حسم الجولة الثانية لمصلحته أكبر من حظوظ كيلتشدار أوغلو، وذلك بسبب حالة الاستقطاب السياسي والأيديولوجي القائم في الداخل التركي، بالإضافة إلى التحديات التي تفرضها الظروف الخارجية، والتي تجعل من مسألة الركون إلى تجربة سياسية جديدة في الحكم نوعاً من المخاطرة التي قد تضر باستقرار تركيا ومضيها في مشاريعها الداخلية والخارجية.
المصدر: الجزيرة