الطائرات بدون طيار والقتال الجوي غير المتكافئ (الجزء الثاني)
في عام 1941، بدأت معركة المحيط الهادئ بهجوم مفاجئ للمقاتلات اليابانية على قاعدة بيرل هاربور الأمريكية، في هذه العملية، تمكّن اليابانيون من توجيه ضربةٍ للبحريّة الأمريكيّة ليكونوا ملك البحار بلا منازع لمدة طويلة.
Table of Contents (Show / Hide)
لكن اليوم، وبسبب الارتفاع الصاروخي في تكلفة الطائرات، لم يعُد أحد يفكر في غارة جوية من عدة مئات من الطائرات. فمع اقتناء المقاتلات الذكية والمتخفية، يتم إيلاء المزيد من الاهتمام لجودة الدفاعات أكثر من كميتها. لذا ربما يمكن اعتبار هذه القضية نوعًا من ضعف الدفاع، فكيف هو الحال الآن؟
على سبيل المثال، الأسطول الأمريكي الخامس المتمركز في البحرين (يتكوّن من حاملة طائرات، وعدة سفن، وطرادات، ومدمرات، وفرقاطات، وغواصات، وعشرات السفن الخفيفة) محميّ بالدّفاعات النّاريّة، والتي يتناسب حجمها مع حجم الهجمات المحتملة.
لا توجد أخبار عن نشر مئات المدافع المضادّة للطائرات على متن السفن كما حدث في الحرب العالمية الثانية. لأنه، كما ذكرنا، بصرف النّظر عن زيادة سرعة الطّائرات وعدم فعاليّة المدافع القديمة الرّخيصة المضادّة للطائرات، لا يمكن لأي جيش في العالم أن يقوم بمغامرة كبيرة ويستخدم مئات المقاتلات في عملية واحدة.
لكن إيران ستتمتّع بالقدرة على تنفيذ مثل هذه العمليات من خلال امتلاك آلاف الطّائرات القتاليّة بدون طيار منخفضة التّكلفة. عملية تستهدف خلالها المئات من هذه الطائرات الأهداف المطلوبة، وتقوم المئات الأخرى بالكاميكازي كما حدث في حرب المحيط الهادئ. يتم إيقاف هذا النوع من الدّفاع الصّاروخي بعد الانتهاء من السلسلة الأولى من الذّخيرة أثناء العملية، ولن يكون حجم نيران مدافع الدّفاع وحده كافياً لحماية الأسطول من هجمات الطّائرات بدون طيار. بالطبع، هذا بخلاف الهجمات الصّاروخية وإطلاق الزّوارق السّريعة.
هل إيران عملاق صناعة الطّائرات بدون طيار؟
اليوم، يعترف معظم الخبراء والقادة العسكريين رفيعي المستوى في العالم، بأن قوة الطّائرات بدون طيار الإيرانية أصبحت واحدة من الأوراق الرّابحة لهذا البلد تحت تأثير كمّيتها الكبيرة ونوعيتها المقبولة. فاليوم، خزّن متوسط الجيوش في العالم عشرات الطائرات بدون طيار، والقوى العظمى مئات الطائرات بدون طيار، في حين أن صناعة الدفاع الإيرانية تُقدّم مئات الطائرات بدون طيار إلى القوات المسلحة كل عام، ومن المقرر أن تنضمّ 1000 طائرة بدون طيار أخرى إلى طائرات الجيش. حاليًا، يمكن القول أن عدد الطائرات بدون طيار في إيران أكبر من العدد الإجمالي للطّائرات بدون طيار في العديد من دول العالم.
بالطبع، لا يمكن لأحد أن يُنكر المزايا المتفوّقة للمقاتلات لأنها تحمل قدرًا أكبر من الذّخيرة بسبب استخدام محرّكات أكثر قوة، ولديها أيضًا القدرة على الدّفاع بشكل فعال. على الرغم من أن بعض الطائرات بدون طيار مثل MQ9 لديها القدرة على حمل كمية كبيرة من الذخيرة، فإن الحفاظ على التّهرب من الرادار لهذه الطائرات بدون طيار، يتطلّب تكاليف باهظة.
هذا هو السبب في أن هذه الطائرة بدون طيار تُكلّف حوالي 30 مليون دولار، أو طائرة التجسس Global Hawk والتي تُكلّف أكثر من 300 مليون دولار(وهي تكلفة أعلى بكثير من تكلفة طائرة Awax ذات الجسم العريض)، لأن هذه الطائرة بدون طيار يجب أن تُحافظ على تجنّب الرادار إلى جانب القدرة على حمل معدات تجسس ثقيلة وعملاقة. خلاف ذلك، لا يمكن اعتبار المعايير المتقدمة للطائرة بدون طيار إلا قدرتها على حمل البضائع ورفع الوزن والمدى على الورق. على سبيل المثال، تمكّنت تركيا من إنتاج طائرة بدون طيار بقيمة 5 ملايين دولار تسمى Bayraktar TB2 من خلال تجميع سلسلة من الأجزاء المشتراة من الدول الأوروبية، والتي كانت لها خصائص مواتية على الورق. ومع ذلك، أظهرت الأدلة الميدانية والقضايا مثل إسقاط 90 طائرة في الأشهر الثلاثة الأولى من الحرب الأوكرانية أنه من غير الممكن إنتاج طائرات بدون طيار مناسبة للقتال من خلال شراء سلسلة من الأجزاء من مصنعي الطائرات الترفيهية، لأن المهمة الرئيسية لـ الطائرة بدون طيار هي قدرتها على تجنب الرادار.
خصائص قوة الطائرات بدون طيار
لكي تُصبح قوة طائرات بدون طيار، أولاً وقبل كل شيء، من الضروري إعداد بنية تحتية تقنية وعلمية إلى جانب الكثير من الخبرة في التجربة والخطأ. لا توجد قوة في العالم على استعداد لتسليم التكنولوجيا التي اكتسبتها بعد سنوات من التكلفة للآخرين، ولهذا السبب، على الرغم من صناعة الطيران المتقدمة، لم تتمكن روسيا من الحصول على مكانة جيدة في صناعة الطائرات بدون طيار. هذا يعني أنه لا يمكنك أن تصبح قوة في هذا المجال عن طريق شراء كميات كبيرة أو حتى التجميع. أيضا، بصرف النظر عن الجودة والكمية في الرقم، تُعدّ الكمية في النموذج أيضا أحد معايير قوة الطائرة بدون طيار. تُنتج القوى الخارقة الطائرات بدون طيار مثل أمريكا، وإيران والصين العشرات من أنواع الطائرات بدون طيار بمهام مختلفة. لذلك، لا يُمكن لدولة ما أن تدخل نادي مالكي هذه الصناعة بمجرد تجميع نموذجين من الطّائرات بدون طيار، ناهيك عن حمل اسم قوة عظمى.