مجلة أمريكية تشير لاقتتال عائلي وتهديدات أخرى.. اضطرابات متوقعة في الإمارات بـ 2024
توقعت مجلة "فورين أفيرز" وقوع اضطرابات بشكل خاص في الإمارات التي سعت طوال الأعوام الماضية لكسب الدعم الغربي من خلال إظهار أنها تحارب التطرف، وعبر دعمها للانقلابات ضد الاسلام السياسي بالمنطقة.
Table of Contents (Show / Hide)
سلطت مجلة “فورين أفيرز foreignaffairs” الأمريكية في تقرير لها الضوء على ما يمكن “أن تتعرض له دولة عربية خليجية من تطورات غير مسبوقة في العام 2024” أو على الأقل في المستقبل القريب مشيرة في مقال تحليلي مطول إلى أن الإمارات قد تشهد اضطرابات “لا ترحم ضمن بيئة الشرق الأوسط القاسية”.
وتأسست دولة الإمارات رسمياً عام 1971، بعد إعلان بريطانيا انسحابها من شرق السويس عام 1968، حيث قام والد محمد بن زايد، مؤسس الإمارات الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حاكم أبوظبي، بدمج أبوظبي مع دبي وخمسة إمارات أخرى وأصبح أول رئيس للبلاد الجديدة.
جدير بالذكر أنه بعد وفاة الشيخ زايد، ووفقًا للتقاليد العربية، خلفه كأمير لأبو ظبي ورئيس لحكومة الإمارات نجله الأكبر من زوجته الأولى “حصة بنت محمد آل نهيان” الشيخ خليفة بن زايد.
وفي الخطوة الأولى، عين الشيخ خليفة شقيقه “الشيخ خالد بن زايد” ولي عهد أبو ظبي. وقد عارضت هذه القضية الزوجة الثالثة للشيخ زايد “الشيخة فاطمة بنت مبارك الكتبي”.
فاطمة بنت مبارك، التي لديها 6 أبناء هم “محمد” و “طحنون” و “عبد الله” و “حمدان” و “منصور” و “هزاع”، أطاحت بالشيخ خليفة في عام 2005 بإخراج خالد بن زايد من ولاية أبو ظبي، وتعيّن نجلها الأكبر الشيخ محمد بن زايد مكانه. وهكذا، دخل الإبن الأول للشيخة فاطمة بنت مبارك الكتبي في هيكل السلطة حتى همش الشيخ خليفة وأمرضه وبات هو المتحكم الفعلي بالبلاد، حتى وفاة خليفة بن زايد في مايو 2022، وإعلان محمد بن زايد حاكما لأبوظبي ورئيسا للإمارات رسميا.
وتقع الإمارات بين إيران والسعودية، وقد خضعت على الفور للمنافسة بين جيرانها الأكبر منها بكثير، لكن الشيخ زايد، الذي حكم حتى وفاته عام 2004، عمل على تحقيق التوازن بين القوتين الثقيلتين السعودية وإيران، فتعاون مع جيرانه والتزم الحياد أثناء الصراعات، مثل الحرب الإيرانية ـ العراقية.
دور الإمارات في إطالة الأزمات
وكتب الصحفي “نيل كويليام وسنام وكيل” في مقال تحليلي بالمجلة أن الإمارات أظهرت نفسها للعالم كعدو للتطرف الديني بهدف كسب الدعم الغربي، لكنها في الحقيقة عملت على إطالة أمد الصراعات وإبقاء الضوء على المنظمات الإسلامية من الترويج لخطاب يخدم مصالحها الذاتية للزعماء الغربيين.
ولإبراز قوتها العسكرية قلدت الإمارات جارتها إيران فقامت بتنمية ميليشيات مسلحة كانت تقاتل ضد الإسلاميين في مصر وليبيا والسودان وسوريا وتونس واليمن، وقدمت الدعم العسكري والمالي واللوجستي والدبلوماسي لتلك الجماعات التي كانت بالحقيقة جماعات انقلابية هدفها إطالة أمد الأزمات.
وأدى هذا التدخل إلى صعوبة صعود بعض الجماعات الإسلامية وإعادة فرض هيمنتها أو تحدي الحكومات الإقليمية، ومع اندلاع “الربيع العربي” اعتقد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة وإخوته، أن جماعة الإخوان المسلمين كانت وراء الحراك وكان يخشى أن يتحدى الإسلاميون نموذجهم في الحكم.
وبمجرد أن هزت الاحتجاجات البحرين في فبراير/شباط 2011، سارعت الامارات إلى نشر 500 من جنودها في المنامة وساعد هؤلاء البحرين إلى جانب القوات السعودية، في قمع المظاهرات، وبقي النظام الملكي في البحرين في مكانه وفق مقال المجلة الأمريكية.
الإطاحة بأول رئيس شرعي في مصر
وفي الإمارات قمعت السلطات الناشطين خاصة أولئك المرتبطين بجمعيات الإصلاح واتهمتهم بتنظيم انقلاب وصنفت جماعة الإخوان المسلمين على أنها منظمة إرهابية، وساعدت في رعاية الانقلاب العسكري بمصر الذي أطاح بسلطة الرئيس الشرعي المنتخب محمد مرسي.
وشهدت سمعة أبوظبي تحولاً جذرياً وأنفقت في عهد محمد بن زايد مليارات الدولارات على بناء وتحديث جيشها، ليصبح ما أطلق عليه وزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس ماتيس اسم “سبارتا الصغيرة”.
كما أقامت البلاد علاقات عمل مع كل الأطراف الفاعلة في المنطقة تقريباً، بما في ذلك الاحتلال الإسرائيلي، فضلاً عن كل قوة عالمية، وخاصة الولايات المتحدة. وجعلت دولة الإمارات من نفسها المركز المالي في الشرق الأوسط.
وبحسب المجلة الأمريكية فإن الإمارات جزء من رؤية الرئيس الأمريكي جو بايدن لممر اقتصادي في الشرق الأوسط يربط بين الهند وأوروبا، لكونها تتمتع بعلاقات قوية مع القوى المتوسطة الناشئة الأخرى، مثل البرازيل والهند وإندونيسيا.
تطبيع العلاقات مع الاحتلال
وقامت أبوظبي بتطبيع العلاقات مع “الاحتلال الإسرائيلي”، الخصم التاريخي للعديد من دول المنطقة، وقد حافظت على هذه العلاقات مع “الكيان المحتل” على الرغم من حربه ضد قطاع غزة والاحتجاج الشعبي الواسع رداً على ذلك.
وبقيت الإمارات مقيدة في سعيها إلى النفوذ والسلطة، وهي تعتمد اعتمادا كبيرا على النفط، وتواجه ضغوطا للتخلي عن الوقود الأحفوري بسرعة حسبما أردفته المجلة.
وتريد أبوظبي استخدام القوى الخارجية كما تراه مناسبًا، وبالتالي لا يمكن لأي قوة خارجية – وعلى رأسها الولايات المتحدة – الاعتماد عليها لتكون بمثابة وكيل لها في الشرق الأوسط.
ولطالما منعت الإمارات الإسلاميين من نشر موادهم على الرأي العام، وتسارعت وتيرة التعديلات التعليمية في مناهج الدولة بعيداً عن التأثيرات الإسلامية، والتي كانت جارية بالفعل، وانشأت الدولة مجالس بلدية منتخبة تحت ضغط من واشنطن.
كانت علاقة الامارات مع الولايات المتحدة ذات أهمية متجددة بالنسبة لدولة الإمارات، التي رأت أن العلاقات الأمريكية القوية هي ترياق لإدارة التحديات الأمنية الإقليمية.
وبدأت أبوظبي في عهد محمد بن زايد حين كان وزيراً للدفاع في الاستثمار بشكل أكبر في علاقتها مع واشنطن، بما في ذلك من خلال تكثيف القتال إلى جانب القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان.
وكان للانضمام إلى تحالف واشنطن فائدة إضافية لأبوظبي، تتمثل في منح الجنود الإماراتيين الخبرة العملياتية والبدء في تحويل الإمارات إلى قوة عسكرية.
تحديات أبوظبي وتعارض طموحها مع قطر
وتواجه أبوظبي وفق المجلة تحديات عديدة أبرزها تعارض طموح الإمارات مع قطر وهي دولة صغيرة تقوم على صادرات الطاقة، صارخ بشكل خاص و أظهر صعود الدوحة المذهل إلى الصدارة في التسعينيات، في أعقاب التطور السريع لمواردها من الغاز الطبيعي، أن الحكام المتسامحين مع الإسلام السياسي قادرون أيضاً على توفير نوعية حياة عالية للمواطنين.
وقد منحت قطر ملاذاً آمناً لزعماء إسلاميين وعرضت الدعم لجماعات الإخوان المسلمين، بما في ذلك قيادات حماس السياسية وكبار مسؤولي طالبان.
وتصاعدت التوترات بين قطر والإمارات طوال العقد الأول من هذا القرن، ومن جهة أخرى تعارضت بعض الأولويات الوطنية للإمارات مع نظيراتها في السعودية.
منافسة بين الرياض وأبوظبي
وتخوض أبوظبي والرياض منافسة اقتصادية وعلمية متصاعدة ضمن قطاعات السياحة والتجارة واستكشاف الفضاء، حيث تتنافس الدولتان على تنويع اقتصاداتهما بعيدا عن إنتاج الوقود الأحفوري.
وتواجه الإمارات تحديات من أنها تعلم جيداً أن الولايات المتحدة قد لا تكون دائماً شريكاً أمنياً جيداً، ويمكن أن يؤدي تغير المناخ على المدى الطويل إلى درجات حرارة شديدة وموجات جفاف تجعل شبه الجزيرة العربية غير صالحة للسكن.
وعلى الرغم من أن دولة الامارات قد تبدو متقدمة على جيرانها الآن، إلا أن العديد من الدول بدأت باللحاق بها وتقوض أمنها.
اقتتال عائلي محتمل في الإمارات
قد تشهد أبوظبي اقتتالاً عائلياً في نهاية المطاف يؤدي إلى زوال دولة الإمارات – فلا شيء يدوم إلى الأبد – ولكن ما لم تتمكن من السيطرة على جغرافيتها، فإن زوالها قد يجري على يد القوى المهيمنة المحيطة بها في جوارها القاسي.
وعلى الإمارات أن تقر وتقبل بأنها ستظل محاصرة بين إيران والسعودية وتركيا، ولا تستطيع الهروب من قيودها المادية، ولن يتمكن شركاؤها الخارجيون – مهما تعهدوا بتقديم الدعم – من حماية البلاد إلى ما لا نهاية، وفق ما ذكرته المجلة الأمريكية.
المصدر: وطن