“العربية”: منبر التضليل المعلوماتي
انبرت قناة العربية، منذ طوفان الأقصى، لمواجهة “خطر” إحياء مفهوم المقاومة لدى الرأي العام العربي، سيّما السعودي منه، بعد أن نجحت وعلى مدار سنوات خلت على إشعال الروح الانهزامية في نفوس الشباب وتلوين الحياة لهم بمعاني الترفيه والسلام والتعايش وغيرها. حتى جاء السابع من أكتوبر ليُعيد طرح التساؤلات ومواجهة العقل العربي والغربي بتاريخ القضية الفلسطنية وتاريخ الاضطهاد الصهيوني.
Table of Contents (Show / Hide)
في جديد الخطوات التطبيعية المستمرة على قناة “العربية” السعودية، ما نقلته كخبر عاجل بلمسات فتنوية، إذ نشرت أن السيد الخامنئي خلال خطابه الأخير طالب “بعدم التوصل لاتفاق وقف اطلاق النار في غزة”. في محاولة واضحة لإثارة الفتن وتشويه صورة الجمهورية الإسلامية، سيّما مع تبدد الغباشة لدى شريحة واسعة من الرأي العام العربي تجاه الدور الإيراني، التي تشكلت على خلفية الأحداث في سورية عام 2011.
الباحث في العلاقات الدولية، الدكتور حسام مطر اعتبر الخبر “نموذج حي للتضليل المعلوماتي.. لم يطالب الإمام الخامنئي بذلك وتم تحوير النص والتلاعب به بما يخدم الرواية الرسمية العربية التي تبرر التواطؤ على الشعب الفلسطيني وقضيته”
وكان السيد الخامنئي قد قال في كلمته بمناسبة الذكرى الـ35 لرحيل الإمام الخميني أن ” نتيجة وخلاصة ما أراده الإمام الجليل بشأن فلسطين هو ألا تعقد الآمال على محادثات التسوية. ألّا يعلّقوا الآمال أو أن يتأملوا بإمكانية حلّ مشكلة الفلسطينيين أو الوصول إلى نقطة عادلة عبر محادثات التسوية، هذه كانت خلاصة كلامه”.
وأضاف السيد الخامنئي بأن الإمام الخميني كان ” يعتقد بوجوب تمكّن الفلسطينيين من استعادة حقهم في ميدان العمل، وأن يجبروا العدو على التراجع إلى الخلف وأن يضعفوه. وأنه على شعوب العالم وخصوصا الحكومات الإسلامية، أن تدعم الفلسطينيين “
وكان حساب موقع الإمام الخميني قد نشر المقطع الذي تحدث فيه الإمام الخامنئي، بشأن مسار الحل لقضية فلسطين من وجهة نظر الإمام الخميني (قده)، “والذي تسببت بعض وسائل الإعلام عبر ترجمته بشكل خاطئ وتحريفه بإثارة أجواء وتحليلات خاطئة.”
وأوضح الإمام الخامنئي أنّ الجرائم غير المسبوقة والوحشية اللامحدودة للكيان الصهيوني، ودعم الحكومة الأمريكية لهذه الجرائم، هي بمنزلة ردود فعل غاضبة على إبطال المؤامرة الدولية الكبرى لسيطرة الكيان الصهيوني على المنطقة.
وفي معرض تبيين الميزة الثانية لـ”طوفان الأقصى”، أي توجيه ضربة قاصمة للكيان الصهيوني، استند قائد الثورة الإسلامية إلى اعترافات المحللين والخبراء الأمريكيين والأوروبيين وحتى المحسوبين على الكيان المشؤوم، قائلًا: إنهم يقرّون أيضًا بأن كيان الاحتلال قد لحقت به هزيمة فادحة على يد جماعة مقاومة، فبعد ثمانية أشهر لم يحقّق أيًّا من أهدافه في حدّها الأدنى.
وتابع سماحته “لقد أشار محللون ومؤرخون آخرون أيضًا إلى تخبّط الكيان وضياعه، وكذلك إلى موجة الهجرة العكسية، والعجز عن حماية المستوطنين داخل الأراضي المحتلة، ووصول المشروع الصهيوني إلى أنفاسه الأخيرة، مؤكدين أن العالم بات على أعتاب نهاية الكيان الصهيوني”.
وفي معرض تبيين مدى جديّة موجة الهجرة العكسية من الأراضي المحتلة، أشار قائد الثورة الإسلامية إلى كلام أحد المحللين الأمنيين الصهاينة، وقال: “إذا ما نُشرَ مضمون نقاشات المسؤولين الإسرائيليّين وسجالاتهم في وسائل الإعلام سيرحل أربعة ملايين شخص من إسرائيل”، هذا ما يقوله أحد المحللين الأمنيين الصهاينة.
ومع الإشارة إلى تحوّل قضية فلسطين إلى قضية العالم الأولى، والمظاهرات المناهضة للصهيونية في لندن وباريس والجامعات الأمريكية، أوضح سماحته: “لسنوات طويلة، سعت المراكز الإعلامية والدعائية الأمريكية-الصهيونية إلى دفع قضية فلسطين نحو غياهب النسيان، ولكن في ظل “طوفان الأقصى” وصمود أهالي غزة، غدت فلسطين الآن قضية العالم الأولى”.
وعدّ قائد الثورة الإسلاميّة معاناة أهالي غزة، ومن ضمنها استشهاد نحو 40 ألف نسمة، ومقتل نحو 15 ألف طفل ورضيع وحديث الولادة، بأنها التكلفة الباهظة التي يتحملها الشعب الفلسطيني في سبيل الخلاص من الصهاينة، وتابع قائلًا: ما زال أهالي غزة، ببركة الاعتقاد الإسلامي والإيمان بالآيات القرآنية، يتحمّلون الصعوبات، ويدافعون بصمود مُذهل عن صنّاع الملاحم والمقاومين.
كما أوضح سماحته أنّ سوء تقدير الكيان الصهيوني لقدرات جبهة المقاومة العظيمة هو السبب في “دخول ذاك الكيان إلى دهليز مسدود، حيث ستلاحقه الهزائم المتتابعة، ولن يجد سبيل نجاة من هذا الدهليز، بحول الله وقوّته”.
ولخّص الإمام الخامنئي تصريحاته بالقول: على الرغم من دعاية الغرب، إلّا أنّ الكيان الصهيوني يذوب وينتهي أمام أعين شعوب العالم. وكما الشعوب، لقد أدرك هذه الحقيقة أيضًا العديد من ساسة العالم، بل حتى الصهاينة أنفسهم.
وفي سياق متصل، وعن الدور الإعلامي الذي توولاه القناة السعودية فقد انتشر مؤخرا مقطعا مصورا لمداخلة قدمها “محلل سياسي” من ستديوهات القناة، يدعو إلى اتخاذ قرار عربي ضد حركة حماس باعتبارها هي من بادرت إلى ارتكاب حماقة الحرب، على حدّ وصفه. وزعم أن “قادة الحركة الفلسطينية يختبئون في الأنفاق، في الوقت التي تجري فيه الويلات على غزة”، وأكد على ضرورة أن “تنتهي حماس بتدخل عربي”.
وعلّق الباحث والمدافع عن حقوق الإنسان عادل السعيد بالقول ” في ماذا يختلف المنطق السعودي عن نظيره الصهيوني؟! لا شيء! رجاءً، لا أحد يقول إن هذا الكلام لا يمثل وجهة النظر الرسمية، فالجميع يعلم أن حرية الرأي في السعودية “معدومة”.
المصدر: مرآة الجزيرة