فأمس الأربعاء خرج علينا وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، بتقديرات أولية بالتكلفة المباشرة للحرب على غزة، حيث قدر تلك التكلفة بمليار شيكل (246 مليون دولار) يومياً، أي ما يتجاوز 20 مليار شيكل منذ بداية الحرب.
ويبدو أن هذا الرقم ليس نهائيا حيث قال إنه لم يقيّم بعد التكاليف غير المباشرة للحرب على الاقتصاد الذي دخل حالة شلل جزئي بفعل التعبئة الجماعية لجنود الاحتياط والهجمات الصاروخية الفلسطينية المكثفة، وخلص إلى أن ميزانية 2023-2024 "لم تعد مناسبة" بسبب الحرب وسيجري تعديل بنودها.
وبالطبع فإنه ستتم زيادة بند الإنفاق العسكري في التعديلات، وتخصيص المليارات لدعم الأسر المتضررة، وتعويض الشركات والمصانع والمزارع والأنشطة الاقتصادية المختلفة التي تضررت بشدة من الحرب وتأثيرات صواريخ المقاومة.
تقديرات الوزير الإسرائيلي الخاصة بالخسائر تأتي فقط على مستوى التكاليف المباشرة التي تتحملها موازنة الاحتلال عن أعباء الحرب على غزة، لكن ماذا عن التكلفة غير المباشرة للحرب، هنا يمكنك ضرب رقم المليار شيكل في 10، وربما أكثر نظرا لضخامة خسائر الاحتلال.
دعنا من قفزة الإنفاق العسكري لجيش الاحتلال، فهو أمر متوقع، ودعنا من النفقات الضخمة الناتجة عن استدعاء 360 ألفا من جنود الاحتياط، وما يمثله هذا الحشد من كلف عالية على الدولة. لكن في المقابل فإن هناك خسائر ضخمة أخرى تتضاعف يوما بعد يوم.
خذ مثلا التقديرات الحديثة لبنك الاستثمار الإسرائيلي، ميتاف، والتي توقع فيها وصول تكلفة الحرب إلى ضعف تكلفة حرب لبنان الثانية، هذا يعني أن رقم التكلفة سيتجاوز 70 مليار شيكل، أو 17.2 مليار دولار، تمثل نحو 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي، إذا ما استمرت الحرب لمدة شهرين. وربما يزيد الرقم عن ذلك إذا ما طال أمد الحرب ونفذت إسرائيل هجوما بريا على القطاع.
خد أيضا الخسائر المباشرة للاقتصاد الإسرائيلي في قطاعات حيوية مثل السياحة والطيران والطاقة وإنتاج الغاز الطبيعي، وخسائر أخرى منها التكلفة المباشرة للحرب وما ينتج عنها من التزامات على الموازنة العامة مثل تعويضات جميع المتضررين (الأفراد والشركات) وبقيمة مبدئية تقدر بنحو 17 مليار شيكل (4.18 مليارات دولار)، وهذا الرقم مرشح للزيادة.
إضافة إلى خسارة الدولة عائدات الضرائب بسبب انخفاض الناتج المحلي الإجمالي وغلق الشركات وربما إفلاسها وبقيمة تقدر بنحو 31 مليار شيكل (7.1 مليارات دولار)، وفق تقديرات كبير الاقتصاديين في "ميتاف" أليكس زابيجينسكي، والضرائب مورد مهم للموازنة الإسرائيلية. كما أن الصادرات مرشحة أيضا للتراجع على خلفية المقاطعة واستدعاءات آلاف الجنود وتوقف الإنتاج.
أيضا هناك التأثيرات الناتجة عن خفض وكالة ستاندرد أند بورز التصنيف الائتماني لإسرائيل إلى سلبي بدلا من مستقر، والصعوبات التي تواجه الدولة في الحصول على قروض خارجية خاصة عبر طرح سندات دولية، واستمرار تهاوي الشيكل، وتعرضه لأطول سلسلة خسائر منذ عام 1984، وخسارته 6% هذا الشهر، وهو أسوأ أداء لعملة على مستوى العالم، وتضرر الإنفاق الاستهلاكي الذي يمثل أكثر من نصف النشاط الاقتصادي، وهو ما يلحق ضررا كبيرا بالاقتصاد الإسرائيلي.
*مصطفى عبد السلام كاتب صحفي اقتصادي